"كان الَّنبيّ في رمضان يحتسب الأجر في الصيام والقيام وقراءة القرآن"
- احتساب الأجر والإخلاص لله تعالى في الصِّيام والقيام وكلِّ أعمال الشهر.
- كان صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم يَخُصُّ رمضان بمزيد عبادةٍ واجتهادٍ في الطَّاعة.
كان صَلَى اللهُ عَليهِ يعيش الشَّهر كلَّه مع القرآن.
* كان صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم يحتسب الأجر في الصِّيام والقيام وكلِّ أعمال الشهر.
كان صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم يُذكَّر أصحابه باحتساب الأجر والإخلاص لله تعالى في الصِّيام والقيام وكلِّ أعمال الشَّهر:
- ففي الصِّيام يحثُّهم على الإخلاص، ويقول لهم: «مَنْ صَامَ رَمضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري ومسلم.
- وفي القيام يُذكِّرهم بالأجر العظيم للمخلصين فيقول: «مَنْ قَامَ رَمضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري ومسلم.
- وفي قِيَام ليلة القدر وتحرِّيها يقول: «مَنْ قَامَ لَيلَةَ القَدْر إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري ومسلم.
فمَن صَام رمضان وقامَه لله -سبحانه وتعالى- مُحتسِب الأجر مِنَ الله وحدَهُ غَفَر اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.
وحقيقة ذلك أن يصومه على معنى الرَّغبة في ثوابه، طيِّبةٌ نفسه بذلك، غير مُستثقلٍ لصيامه، ولا مُستطيلٍ لأيامه. [فتح الباري:صـ 4-115].
فكم نُخطئ في حقِّ
أنفسنا عندما نَستثقِل الصِّيام، وكم نخسر عندما نَستثقِل الصَّلاة والقِيَام.
* كان
صَلَى
اللهُ عَليهِ وَسَلَم يَخُصُّ رمضان بمزيد عبادةٍ واجتهادٍ في الطَّاعة.
كان صَلَى
اللهُ عَليهِ وَسَلَم يعيش رمضان بمَزيد عبادةٍ واجتهادٍ في الطَّاعة، ولذلك كان يَخُصُّه
بالعبادة بما لا يَخُصُّ به غيره من الشَّهور:
وكيف لا يَخُصُّ رمضان
بمزيد عنايةٍ وعبادةٍ والله -سبحانه وتعالى- خَصًّه بميزاتٍ عديدةٍ عظيمة!
* فلأجل هذا الشَّهر الكريم غيَّر الله نظام الجزاء والعقاب.
- - فالأعمال الصَّالحة تتضاعف في رمضان.
- - ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر.
- - أجر الصَّوم لا يعلمه إلَّا الله كما قال النَّبيّ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم: «كلُّ عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضِعْف، قال الله عز وجل: إلَّا الصَّوم؛ فإنَّه لي، وأنا أجزي به» رواه مسلم.
* ولأجل هذا الشَّهر غيَّر الله نظام الملائكة والشَّياطين، فالشَّياطين تُغَلَّ وتُحبَس، والملائكة ترسل وتتنزَّل.
* ولأجل هذا الشَّهر غيَّر الله نِظام الآخرة، فأبواب الجنَّة الثمانية تُفتح، وأبواب النِّيران السَّبعة تُغلَق كما قال صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم: «هذا رمضان قد جاءکم، تُفتَح فيه أبواب الجنَّة، وتُغلق فيه أبواب النَّار، وتُسلسل فيه الشياطين».
* ولذلك فالصَّائم في رمضان:
- إمَّا أن يتقَدَّم لِلجِنَان.
- وإمَّا أن تصيبه دعوة جبريل عليه السَّلام،
وما أدراك ما دعوة جبریل!
عن مالك بن
الحویرث عن أبيه عن جدِّه قال: صعد رسول الله صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم الِمنبَر،
فلمَّا رقى عَتَبَةً قال: «آمين»، ثم رقي عَتَبَةً أخرى، فقال: «آمین»، ثم رقی عَتَبَةً
ثالثةٌ، فقال: «آمین»، ثم قال: «أتاني جبريل فقال : يا محمَّد، مَنْ أدرك رمضان
فلم يغفر له فأبعده الله. قلت: آمین، قال: وَمَنْ أدرك والديه أو أحدهما فدخل النَّار
فأبعده الله، قلت: آمين، فقال: ومن ذُكِرت عنده فلم يصلِّ عليك فأبعده الله. قل: «آمين»
فقلت: آمين» رواه ابن حِبَان؛ ومَن أبعَدَهُ اللهُ هَلَك.
ولذلك كان لابدَّ أن ندخل رمضان بمزيد عبادةٍ وطاعةٍ واجتهادٍ وحسن ظنِّ بالله تعالى، فالأمر لا يحتمل إلَّا الغفران.
* كان صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم يعيش الشَّهر كلَّه مع القرآن.
تلاوةً، وتدبُّرًا،
ومُدَارَسة، كيف لا وشهر رمضان شهر القرآن كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ
فِيهِ الْقُرْآَنُ}، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ}.
- فعن عبد الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أن النَّبيّ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم كان جبريل يلقاه في كلِّ ليلةٍ من رمضان فيُدارسه القرآن» رواه البخاري.
- قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وفي حديث ابن عبَّاسٍ أنَّ المُدَارسة بينه وبين جبريل كانت ليلًا ممَّا يدل على استحباب الإكثار من التِّلاوة في رمضان ليلًا، فإنَّ اللَّيل تنقطع فيه الشَّواغل ويجتمع فيه الهمُّ، ويتواطَّأ فيه القلب واللِّسان على التَّدبُّر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}[المزمل:6]. [لطائف المعارف:صـ 199].
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «كان يُعرض على النَّبيّ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسَلَم القرآن كلَّ عامٍ مرةً، فعُرض عليه مرَّتين في العام الذي قُبِض فيه» رواه البخاري.
وهذه الأحاديث أصلٌ
في استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك ومُدَارَستِه خاصَّة
في الليل، بل وعرض القرآن على مَنْ هو أَحْفظ منك.
* اجتهادٌ السَّلف رحمهم الله في قراءة القرآن في رمضان وخَتمه.
قد كان للسَّلف
رحمهم الله اجتهادٌ عجيبٌ في قراءة القرآن في رمضان وخَتمه:
- - فهذا الزُّهريّ رحمه الله كان إذا دخل رمضان يقول: "إنَّما هو قراءة القرآن وإطعام الطَّعام".
- - وهذا الإمام مالكٌ رحمه الله كان إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم.
- - وأمَّا سفيان الثَّوريّ رحمه الله فكان إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن.
- - وقد كان الحافظ زبيد اليامي منهج آخر مع أصحابه في رمضان، فكان إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه، فكان بعضهم يختم في كلِّ يوم وليلةٍ ختمة، وبعضهم يختم في اليوم واللَّيلة ثلاث ختمات.
- - وقد كان الأسود بن يزيد رحمه الله يختم القرآن في رمضان كلِّ ليلتينِ، وكان يختم في غير رمضان كلِّ ستِّ ليال.
- - وكان قتادة رحمه الله يختم القرآن في كلِّ سبع ليالٍ مرة، فإذا جاء رمضان ختم في كلِّ ثلاث ليالٍ مرة، فإذا جاء العشر ختم في كلِّ ليلةٍ مرَّة .
- - وكان النَّخعي رحمه الله يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصَّةً، وفي بقيَّة الشَّهر في ثلاثٍ.
- - وكان محمَّد بن إدريس الشافعي رحمه الله يختم في شهر رمضان ستین ختمة ما منها شيءٌ إلا في صلاة.
- - وكان سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرجوي رحمه الله يختم كلَّ يوم.
- - وكان مجاهدٌ رحمه الله يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخِّرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي رُبع اللَّيل.
- - وكان على الأزدي رحمه الله يختم فيما بين المغرب والعشاء في كلِّ ليلةٍ من رمضان.
- - قيل للإمام مالك رحمه الله: الرَّجل المُحصي يختم القرآن في ليلةٍ؟ قال: ما أجودَ ذلك! إنَّ القرآن إمامٌ لكلِّ خيرٍ، ولقد أخبرني مَن كان يُصلِّي إلى جنب عمر بن حسين في رمضان، قال: كنت أسمعه يستفتح القرآن في كلِّ ليلة .
- - قال الإمام النووي رحمه الله: "وأمَّا الذي يختم القرآن في ركعةٍ فلا يُحصَون لكثرتهم، فمِنَ المتقدِّمين عثمان بن عفَّان، وتميمٌ الدَّاريُّ، وسعيد بن جبير رضي الله كان له ختمةٌ في كلِّ ركعةٍ في الكعبة".
- - وقال الذَّهبيُّ: "قد رُوي من وجوهٍ مُتعدِّدةٍ أنَّ أبا بكر بن عياشٍ رحمه الله مکث نحوًا من أربعين سنةً يختم القرآن في كلِّ يومٍ وليلةٍ مرَّةً، ولما حضرته الوفاة بكت أخته، فقال: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمةٍ".
- - قال القاسم عن أبيه الحافظ ابن عساکر: "كان يختم كلَّ جمعةٍ، ويختم في رمضان كلَّ يومٍ".
اللهم تقبل منا الصيام والقيام وقراءة القرآن في رمضان واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين.
تعليقات
إرسال تعليق