القائمة الرئيسية

الصفحات

فوائد من سورة الفاتحة من تفسير ابن الجزي

 

سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

فوائد من سورة الفاتحة من تفسير ابن الجزي

سورة أم القرآن,سورة الفاتحة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..

أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنةكنا قد تحدثنا في اللقاء السابق عن فوائد من الاستعاذة والبسملة من تفسير ابن الجزي، واليوم نكمل الفوائد التي جاءت في تفسير ابن الجزي عن سورة أم القرآن أو سورة الفاتحة 
أسأل الله أن ينفعنا بهذه الفوائد وأن يوفقنا الله للعمل بها.


* فوائد من سورة الفاتحة "سورة أم القرآن".

  • سورة الفاتحة سبع آيات وتسمى سورة أم القرآن، سورة الحمد لله، وفاتحة الكتاب، والواقية، والشافية، والسبع المثاني.
  • وفيها عشرون فائدة، سوى ما تقدّم في اللغات من تفسير ألفاظها، واختلف هل هي مكية أو مدنية؟ ولا خلاف أن الفاتحة سبع آيات، إلّا أنّ الشافعي يعدّ البسملة آية منها، والمالكيّ يسقطها، ويعدّ أنعمت عليهم آية.

* الفائدة الأولى: 

  • قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة عند مالك والشافعي، خلافا لأبي حنيفة وحجتهما قوله صلّى الله عليه واله وسلّم للذي علمه الصلاة "اقرأ ما تيسر من القرآن".

* الفائدة الثانية: 

  • اختلف هل أوّل الفاتحة على إضمار القول تعليمًا للعباد: أي قولوا: الحمد لله، أو هو ابتداء كلام الله، ولا بدّ من إضمار القول في: "إياك نعبد" وما بعده.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة الثالثة: 

  • الحمد أعمّ من الشكر لأنّ الشكر لا يكون إلّا جزاء على نعمة، والحمد يكون جزاء كالشكر، ويكون ثناء ابتداء، كما أنّ الشكر قد يكون أعم من الحمد، لأن الحمد باللسان والشكر باللسان والقلب، والجوارح.
  • فإذا فهمت عموم الحمد علمت أنّ قولك: "الحمد لله" يقتضي الثناء عليه لما هو من الجلال والعظمة والوحدانية والعزة والإفضال والعلم والمقدرة والحكمة وغير ذلك من الصفات، ويتضمن معاني أسمائه الحسنى التسعة والتسعين، ويقتضي شكره والثناء عليه بكل نعمة أعطى ورحمة أولى جميع خلقه في الآخرة والأولى، فيا لها من كلمة جمعت ما تضيق عنه المجلدات، واتفق دون عدّه عقول الخلائق، ويكفيك أن الله جعلها أوّل كتابه، وآخر دعوى أهل الجنة.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة الرابعة: 

  • الشكر باللسان هو الثناء على المنعم والتحدث بالنعم، قال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم "التحدّث بالنعم شكر"، والشكر بالجوارح هو العمل بطاعة الله وترك معاصيه، والشكر بالقلب هو معرفة مقدار النعمة. والعلم بأنها من الله وحده، والعلم بأنها تفضل لا باستحقاق العبد. وأعلم أن النعم التي يجب الشكر عليها لا تحصى، ولكنها تنحصر في ثلاثة أقسام:
  • - نعم دنيوية: كالعافية والمال.
  • - نعم دينية: كالعلم، والتقوى.
  • - نعم أخرويةوهي جزاؤه بالثواب الكثير على العمل القليل في العمر القصير.

  • والناس في الشكر على مقامين:
  • - منهم من يشكر على النعم الواصلة إليه خاصة.
  • - منهم من يشكر الله عن جميع خلقه على النعم الواصلة إلى جميعهم.

  • والشكر على ثلاث درجات:
  • - فدرجات العوام الشكر على النِّعم.
  • - ودرجة الخواص الشكر على النعم والنقم وعلى كل حال.
  • - ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن النعمة بمشاهدة المنعم، قال رجل لإبراهيم بن أدهم: الفقراء إذا منعوا شكروا، وإذا أعطوا آثروا.

  • ومن فضيلة الشكر أنه من صفات الحق، ومن صفات الخلق، فإنّ من أسماء الله: الشاكر والشكور، وقد فسرتهما في اللغة.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة الخامسة:

  • قولنا: "الحمد لله رب العالمين" أفضل عند المحققين من "لا إله إلّا اللهلوجهين:
  • - أحدهما: ما خرّجه النسائي عن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: "من قال لا إله إلّا الله كتب له عشرون حسنة، ومن قال الحمد لله رب العالمين كتب له ثلاثون حسنة".
  • - والثاني: أنّ التوحيد الذي يقتضيه "لا إله إلّا الله" حاصل في قولك: "رب العالمين" وزادت بقولك الحمد لله، وفيه من المعاني ما قدّمنا، وأما قول رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلّا الله"، فإنما ذلك للتوحيد الذي يقتضيه، وقد شاركتها الحمد لله رب العالمين في ذلك وزادت عليها، وهذا المؤمن يقولها لطلب الثواب، أما لمن دخل في الإسلام فيتعين عليه "لا إله إلّا الله".
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة السادسة:

  • الرَّب وزنه فعل بكسر العين ثم أدغم، ومعانيه أربعة: الإله، والسيد، والمالك، والمصلح. وكلها في "رب العالمين"، إلّا أن الأرجح معنى الإله لاختصاصه لله تعالى، كما أنّ الأرجح في العالمين أن يراد به كل موجود سوى الله تعالى، فيعم جميع المخلوقات.

* الفائدة السابعة: 

  • "مَلِك" قراءة الجماعة بغير ألف من المُلك، وقرأ عاصم والكسائي بالألف والتقدير على هذا مالك مجيء يوم الدين، أو مالك الأمر يوم الدين، وقراءة الجماعة أرجح من ثلاثة أوجه:
  • - الأوّل: أنّ "المَلِك" أعظم من "المَالك" إذ قد يوصف كل أحد بالمالك لماله، وأما "المَلِك" فهو سيد الناس.
  • - الثاني: قوله: {وَلَهُ المُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُور}.
  • - الثالث: أنها لا تقتضي حذفًا، والأخرى تقتضيه لأنّ تقديرها مالك الأمر، أو مالك مجيء يوم الدين، والحذف على خلاف الأصل.

  • وأمّا قراءة الجماعة فإضافة "مَلِك" إلى يوم الدين فهي على طريقة الاتساع، وأجري الظرف مجرى المفعول به، والمعنى على الظرفية: أي الملك في يوم الدين، ويجوز أن يكون المعنى ملك الأمور يوم الدين، فيكون فيه حذف، وقد رويت القراءتان في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقد قرئ "مَلِك" بوجوه كثيرة إلّا أنها شاذة.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة الثامنة: 

  • "الرحمن، الرحيم، مالك" صفات، فإن قيل: كيف جرّ مالك ومالك صفة للمعرفة، وإضافة اسم الفاعل غير محضة؟ فالجواب: أنها تكون غير محضة إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، وأما هذا فهو مستمر دائمًا فإضافته محضة.

* الفائدة التاسعة:

  • "يوم الدين" هو يوم القيامة ويصلح هنا في معاني الحساب والجزاء والقهر، ومنه "إنَّا لمَدِينُون".

* الفائدة العاشرة:

  • "إيَّاكَ" في الموضعين مفعول بالفعل الذي بعده، وإنما قدّم ليفيد الحصر فإنّ تقديم المعمولات يقتضي الحصر، فاقتضى قول العبد "إيَّاكَ نَعْبُد" أن يعبد الله وحده لا شريك له، واقتضى قوله: "وإيَّاكَ نَسْتَعِين" اعترافًا بالعجز والفقر وأنا لا نستعين إلّا بالله وحده.

* الفائدة الحادية عشرة: 

  • "إيَّاكَ نَسْتَعِين": أي نطلب العون منك على العبادة وعلى جميع أمورنا، وفي هذا دليل على بطلان قول القدرية والجبرية، وأنّ الحق بين ذلك.

* الفائدة الثانية عشرة:

  • "اهْدِنَا": دعاء بالهدى.
  • فإن قيل كيف يطلب المؤمنون الهدى وهو حاصل لهم؟ فالجواب إن ذلك طلب للثبات عليه إلى الموت، أو الزيادة منه فإنّ الارتقاء في المقامات لا نهاية له.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة الثالثة عشرة:

  • قدم الحمد والثناء على الدعاء لأنّ تلك السنة في الدعاء وشأن الطلب أن يأتي بعد المدح، وذلك أقرب للإجابة.
  • وكذلك قدّم الرحمن على ملك يوم الدين لأنّ رحمة الله سبقت غضبه.
  • وكذلك قدّم إياك نعبد على إياك نستعين لأنّ تقديم الوسيلة قبل طلب الحاجة.

* الفائدة الرابعة عشرة: 

  • ذكر الله تعالى في أوّل هذه السورة على طريق الغيبة، ثم على الخطاب في إياك نعبد وما بعده، وذلك يسمى الالتفات، وفيه إشارة إلى أنّ العبد إذا ذكر الله تقرّب منه فصار من أهل الحضور فناداه.

* الفائدة الخامسة عشرة: 

  • الصراط في اللغة الطريق المحسوس الذي يمشى، ثم استعير للطريق الذي يكون الإنسان عليها من الخير والشر، ومعنى المستقيم القويم الذي لا عوج فيه، فالصراط المستقيم الإسلام، وقيل القرآن، والمعنيان متقاربان، لأنّ القرآن يضمن شرائع الإسلام وكلاهما مروي عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
  • وقرئ الصراط بالصاد والسين وبين الصاد والزاي، وقد قيل إنه قرئ بزاي خالصة، والأصل فيه السين، وإنما أبدلوا منها صادًا لموافقة الطاء في الاستعلاء والإطباق، وأما الزاي فلموافقة الطاء في الجهر.
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة السادسة عشرة:

  • الذين أنعمت عليهم: قال ابن عباس: هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون.
  • وقيل: المؤمنون وقيل الصحابة، وقيل قوم موسى وعيسى قبل أن يغيروا، والأوّل أرجح لعمومه، ولقوله: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ[النساء:٦٩].

* الفائدة السابعة عشرة: 

  • إعراب غير المغضوب بدل، ويبعد النعت لأنّ إضافته غير مخصوصة وهو قد جرى عن معرفة وقرئ بالنصب على الاستثناء أو الحال.

* الفائدة الثامنة عشرة: 

  • إسناد أنعمت عليهم إلى الله، والغضب لما لم يسم فاعله على وجه التأدب؛ كقوله: {وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ[الشعراء:80]، وعليهم أوّل في موضع نصب، والثاني في موضع رفع.

* الفائدة التاسعة عشرة:

  • المغضوب عليهم اليهود، والضالين: النصارى، قال ابن عباس وابن مسعود وغيرهما، وقد روي ذلك عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقيل ذلك عام في كل مغضوب عليه، وكل ضال، والأول أرجح لأربعة أوجه:
  • - روايته عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وجلالة قائله.
  • - ذكر "ولا" في قوله: {ولا الضالين} دليل على تغاير الطائفتين.
  • - أن الغضب صفة اليهود في مواضع من القرآن؛ كقوله: {فَباؤُ بِغَضَبٍ[البقرة:90].
  • - الضلال صفة النصارى لاختلاف أقوالهم الفاسدة في عيسى بن مريم عليه السلام، ولقول الله فيه: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ[المائدة:77].
سورة أم القرآن,سورة الفاتحة

* الفائدة العشرون:

  • هذه السورة جمعت معاني القرآن العظيم كله فكأنها نسخة مختصرة منه فتأملها؛ تعلم ذلك في:
  • - الألوهية؛ حاصلًا في قوله: {الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين * الرَّحمَنِ الرَّحِيم}.
  • - الدار الآخرة؛ في قوله{مَالِكِ يَومِ الدِّين}.
  • - العبادات كلها من الاعتقادات والأحكام التي تقتضيها الأوامر والنواهي؛ في قوله{إيَّاكَ نَعْبُد}.
  • - الشريعة كلها في قوله: {الصَّرَاطَ المُستَقِيم}.
  • - الأنبياء وغيرهم في قوله: {الذَّينَ أَنعَمْتَ عَلَيهِم}.
  • - ذكر طوائف الكفار في قوله: {غَيرِ المَغْضُوبِ عَلَيهِم وَلَا الضَالِّين}.

* خاتمة:

  • أمر بالتأمين عند خاتمة الفاتحة للدعاء الذي فيها، وقولك: آمين اسم فعل معناه: اللهم استجب، وقيل: هو من أسماء الله، ويجوز فيه مدّ الهمزة وقصرها، ولا يجوز تشديد الميم، وليؤمن في الصلاة المأموم، والإمام إذا أسرّ، واختلفوا إذا جهر.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

سورة أم القرآن,سورة الفاتحة









هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع