الإفطار .. سؤال وجواب
للدكتور راشد سعد العليمي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، نتابع حديثنا عن الصِّيام؛ بعد أن تحدثنا في اللقاء السابق عن "صيام التطوع" في سؤال وجواب، نتحدث اليوم عن موضوع جديد وهو "الإفطار".
* الإفطار.
* ما السنّة في الإفطار؟
- السنة التعجّل
بالإفطار، لقول رَسُولِ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "لَا يَزَالُ النَّاس بِخَير مَا عَجَّلُوا الفِطر" متفق
عليه.
* ماذا كان
هدي النًّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم في هذا الأمر؟
- كان النًّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم يُفطر على رطبات قبل أن يصلي. رواه أبو داود وصححه الألباني.
* ما هو الوقت الشرعي للإفطار؟
- الأمر متعلق
بمغيب الشمس، لمن لم يمنعه حائل عن رؤيتها، فعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه
قال: قال النًّبيّ صَلَى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "إذَا غَابَت
الشَّمس مِن هَهُنَا، وَجَاءَ اللَّيلُ مِن هَهُنَا، فَقَد أَفطَرَ الصَّائِم".
متفق عليه.
* صائم ومتواجد في الصحراء، هل يلتزم بأذان المذياع؟
- لا يلتزم به إن كان يرى قرص الشمس، فمتى ما غاب القرص في الأفق جاز له الفطر.
* هل لا بد أن تغيب حُمرة الشمس بعد غياب القرص؟
- قال ابن تيمية رحمه الله: "إذا غاب القرص أفطر الصائم، ولا عبرة بالحمرة الشديدة الباقية في الأفق". [مجموع الفتاوى: ٢٥/ ٢١٥].
* بعض الناس يقول: إن معنى قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} أن يمر على الصائم زمن من الليل ليفطر، وليس مباشرة بغروب الشمس .. فما التوجيه لقوله؟
- لفظ "إلى"
ليس معناه هنا الغاية، وهو أن يصيب الصائم شيء من الليل؛ لكنه معناه يخضع إلى
الإعتبار الشرعي وليس اللغوي، أي تعجيل الفطر، وهذا واضح من فعل النًّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم، والقاعدة تنص: أن الاعتبار في الأحكام بالشرع لا بالعقل.
* هل هناك من نهي أو وعيد على من أفطر قبل الوقت؟
- نعم، فإن النًّبيّ
صَلَى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم رأى في منامه
أقوامًا معلقين من عراقيبهم تسيل أشداقهم دمًا، فلما سأل عنهم، أخبر أنهم الذين
يُفطرون قبل تحلَّة "وقت الفطر" صومهم. صحيح ابن خزيمة.
* ماذا يفعل من شك أنه أفطر قبل
الوقت؟
- من تحقق أو غلب على ظنه، أن فطره حصل قبل المغرب فعليه القضاء؛ لأنّ اليقين هو وجود النهار.
* هل تأخير الفطور فيه مخالفة للهدي
النبوي؟
- نعم، إن كان
من غير سبب؛ مثل عدم وجود الطعام، أو تأخر حضور الإنسان إلى بيته، فعن سهل بن سعد
رضي الله عنه أن رَسُولَ الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم قال: "لَا تَزَالُ أمَتِي عَلى سُنَتِي مَا لَم تَنتَظِر بِفِطَرِهَا
النُّجُوم". رواه ابن حبان.
- وانتظار النُّجُوم يعني تأخير الإفطار حتى تَسْوَدَّ صفحةُ السماء فتظهر فيها النُّجُوم، وهو بما يقارب الربع ساعة على الأقل، وهذا مخالف للسُنَّة النبوية، وموافق لليهود والنصارى.
* ماذا يفعل من لم يجد طعاما للإفطار؟
- إذا لم يجد الصائم شيئًا يُفطر عليه نوى الفطر بقلبه.
* هل يُشرع سماع الأذان ثم تناول
الطعام؟
- لا، فهذا
مخالف لسنة النًّبيّ صَلَى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم في التبكير
بالفطر.
* ما الهدي النبوي في نوعية طعام
الإفطار؟
- يستحبُّ
للصائم الفطر على الرُّطب، فإن لم توجد فعلى التمر، فإن لم توجد فعلى الماء، وله
بعد ذلك أن يأكل ما يشاء، فعن سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "إذَا كَانَ أحَدُكُم صَائِمًا فَليُفطِر عَلى التَّمر، فإن لَم
يَجِد التَّمر فعَلى المَاء، فإن المَاء طَهُور". رواه أبو داود وغيره.
* هل يجب على من كان خارج بيته أن يسرع بسيارته للإفطار قبل أذان المغرب؟
- لا يجب، بل تحرم عليه السرعة، ولربما السرعة تقوده إلى الهلكة لنفسه أو لغيره، وله إن سمع الأذان أن يدخل أي مسجد لشرب الماء والصلاة، ويؤجل الإفطار.
* هل وقت الإفطار يُستحب الدعاء عنده؟
- نعم، ورد في الحديث: "ثَلاث لَا تُردّ دَعوتُهم؛ الإمام العادِل، والصَّائِم حين يُفطِر، ودَعوَة المَظلُوم، يرفعها فَوقَ الغَمام، ويُفتَح لهَا أبَواب السَّماء، ويقول الرب تبارك وتعالى: وَعِزَتِي لَأنصُرنَّك وَلَو بَعدَ حِين". رواه الترمذي.
* ماذا يُستحب للصائم قوله من دعاء عند الفطر؟
- عن عبد الله
بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم إذا أفطَرَ قَال: ذَهَب الظَّمأ، وَابتَلت العُروق وَثَبتَ الأجرُ
إن شَاءَ الله" رواه النسائي في سننه.
* ماذا يستحب لمن أكل عند غيره أن يقول له؟
- عن أنس بن
مالك رَضِيَ اللهُ عَنهُ أن النًّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم كان إذا أفطر عند الناس قال: "أفطَر عِندَكُم الصَّائِمون، وَأكَل
طَعامَكُم الأبرَار، وتَنزلَت عَليكُم المَلائكة" رواه الدارمي وغيره. وفي
لفظ آخر: "..... وصَلَّت عَليكُم المَلائِكة". رواه البيهقي.
* ما ثواب من فطًّر صائمًا؟
- عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "مَن فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثلُ أجرِهِم مِن غَيرِ أن يُنقَصَ مِن أجُورِهِم شَيئًا". رواه الترمذي وغيره.
* ما حكم تأخير صلاة المغرب إلى قبيل دخول أذان العشاء؟
- لا بأس في هذا الفعل مادام غير متقيد بصلاة جماعة مع المسجد القريب من منزلهم، لأن وقت صلاة المغرب ممتد إلى قبل غروب الشفق، الذي هو دخول وقت العشاء.
تقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق