السحور .. سؤال وجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، نتابع حديثنا عن الصِّيام؛ بعد أن تحدثنا في اللقاء السابق عن "الإفطار" في سؤال وجواب، نتحدث اليوم عن موضوع جديد وهو "السحور".
* السحور.
* ما معنى كلمة "السَحَر"؟
- هي الأكلة التي تكون في وقت السحر، وهو آخر الليل قبيل الفجر.
* ما حكم أكلة السحور؟
- سنة مؤكدة، حرص عليها النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم ، وقال البخاري في صحیحه: "باب بركة السحور من غير إيجاب"؛ لأن النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم وأصحابه واصلوا، ولم يُذكر السحور.
* ما الفائدة من السحور؟
- وجبة السحور عون على تحمل مشقة الصيام؛ ولذا جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله قال: قال النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "تَسَحرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَركَة" رواه البخاري.
* كيف تكون البركة في وجبة السحور؟
- تكون البركة بزيادة الخير لما يعود على بدن الصائم من القوة والنشاط، والبركة بإتباع الهدي النبوي.
* هل من السنة تأخير السحور؟
- نعم، فعن أبي عطية قال: "قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم، أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور؟ قالت: أيهما الذي يعجّل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبد بن مسعود قالت: هكذا كان رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم يصنع". رواه النسائي.
* هل التقيّد بالسحور فيه ابتعاد عن التشبه بالنصارى؟
- نعم، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رَسُولَ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم قال: "فَصْلُ ما بين صِيَامِنا وَصِيامِ أهلِ الكِتاب أكلَة السَّحَر " رواه مسلم وأبو داود وغيرهم.
* دلالة نية الصيام هل تُعرف بتناول وجبة السحور؟
- نعم؛ لأنه من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر فإنه يريد الصوم، ولأن كل عاقل حين يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة، والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت، فهذه هي النية.
* متى كان وقت سحور النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم؟
- سحوره صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم كان قبيل أذان الفجر، لما ثبت عنه صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم "أنه كان يؤخر السحور ، حتى إنه لم يكن بين سحوره وبين إقامة الصلاة إلا نحو خمسين آية" متفق عليه.
* متى يكون الإمساك عن المفطرات؟
- الإمساك عن المفطرات يكون مع أذان الفجر الثاني؛ الذي هو لصلاة الفجر، لقوله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "إن بلالًا يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم". رواه البخاري؛ وابن أم مكتوم كان يؤذن الأذان الثاني للفجر.
* هل الأذان الأول مانع عن الطعام والشراب؟
- لا يمنع من الأكل، قال النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "لا يمنعن أحدكم أو أحد منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن، أو ينادي بليل ليرجع قائمكم، ويُوقظ نائمكم" رواه البخاري.
- فالأذان الأول قبل الفجر إنما هو للتنبيه.
* من يكون في الصحراء كيف يتعرف على الفجر الثاني؟
- تَتِمَة الحديث السابق تُظهِر الجواب، قال النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "ليس أن يقول هكذا وهكذا -وصوّب بيده ورفعها-، حتى يقول: هكذا" وفرّج بين أصبعيه، أي المعترض في الأفق. أخرجه البخاري.
* ماذا يُستحب أكله في السحور؟
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم قال: "نِعمَ سحورُ المؤمنِ التمرُ". أخرجه أبو داود وابن حبان.
* بعض الناس يأكل أثناء الأذان الثاني للفجر حتى ينتهي الأذان، فما حكم هذا الفعل؟
- يمكن الحكم حسب حال المؤذن، فإن كان لا يؤذن إلا بعد اليقين لطلوع الفجر؛ فإن الواجب على من سمعه أن يمسك من حين أن يؤذن، لقول النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم". رواه البخاري، وإن كان لا يتيقن طلوع الفجر؛ فالأولى أن يمسك إذا أذن، ولا بأس لو أكل؛ لأن الأصل بقاء الليل، والأفضل الاحتياط والامتناع.
* هل ثمة ذكر يقال عند السحور، دلالة على إرادة الصيام؟
- لم يثبت أن النّبيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم تلفّظ بهذا الأمر، بل لم يعلمه أحدًا ممن كان معه فيكون ترك التلفظ واجب.
* إن نام شخصًا قبل غروب الشمس في رمضان، وبقي نائمًا لم يوقظه أحد حتى طلع الفجر؛ فهل نقول: إن صومه في اليوم الثاني صحيح ولم ينو الصيام؟
- نعم صحيح، بناء على من أعتبر أن نية واحدة من أول رمضان تكفي كل الشهر.
* ما القول بتحديد زمن للإمساك في التقويم؟
- هذا أمر حادث لم يعهده الجيل الأول من المسلمين، بل فيه منع من التمتع بالمفطرات في زمن مسموح فيه شرعًا، لذا الواجب عدم التقيد به.
* يقال أن على الصائم أن يمسك قبل أذان الفجر بثلث ويسمي ذلك إمساكًا احتياطيًا، فما هو المقدار بين الإمساك وأذان الفجر في رمضان؟
- الأصل في الإمساك للصائم وإفطاره قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرَ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْل}ِ فالأكل والشرب مباح إلى طلوع الفجر؛ ودلالته الأذان الذي جعله الله غاية لإباحة الأكل والشرب وغيرهما من المفطرات.
* ما الحكم فيمن أكل ظانًا عدم دخول الفجر؟
- مثل هذا لا شيء عليه، لأن الآية السابقة قد دلّت على الإباحة إلى أن يحصل التبين، وورد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "أحل الله لك الشراب ما شككت حتى لا تشك".[الفتاوى لابن تيمية].
* ماذا يصنع من سمع الأذان وفي يده الإناء؟
- له أن يكمل حاجته منه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَم: "إذا سمع أحدكم النداءَ، والإناءُ على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه" رواه أبو داود.
- وقــال العلامة الألباني: وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده، أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه، فهذه الصورة مستثناة من الآية : {وَكُلُوا وَاشْرَبُواْ حتى يتبين يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:۱۸۷].
* هل يمكن القول أن الحديث السابق له توضيح للإمساكية؟
- نعم، من ناحية بطلان التقيد بها؛ لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع لأنهم إنما فعلوا ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون، ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة.
* بعض الناس يسهر، ثم قريب من منتصف الليل يتناول وجبة السحور، فما القول في فعله؟
- هذا يفعله من لم يستشعر بركة تأخير السحور في صيامه، ولم يتذكر الهدي النبوي فيه، ويخشى أن في فعله هذا عدم حرص على صلاة الفجر إن نام بعد الطعام.
تعليقات
إرسال تعليق