ادعو الله باسمه "القيوم"
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
* قصة في فضل اسم الله "الحيّ القيوم".
في بعض روايات غزوة بدرٍ من حديث علي بن أبي طالب رضي الله
عنه، وقد أخرجها البيهقي، وحسنها
الهيثمي، قال رضي الله عنه: لما كان يوم بدرٍ قاتلت شيئًا من قتال، ثم جئت مسرعًا أنظر إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع؟ فإذا هو ساجدٌ وهو
يقول: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، يَا
حَيُّ يَا قَيُّومُ»، لا يزيد عليهما شيئًا، قال: ثم رجعت إلى القتال، ثم
جئت فإذا هو يقول مثل ذلك: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ
يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ»، قال: فما زلت أذهب وأرجع وهو على هذه الحال إلى أن فتح الله علينا
بالنصر المبين.
* معنى اسم الله "القيوم".
- كان النَّبيّ في دعواته صلوات الله وسلامه عليه يقول: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ».
- إن القيوم اسمٌ من أسماء الله تعالى العظيمة التي تنبض وتقطر تعظيمًا وتمجيدًا لله سبحانه وتعالى.
- اسم القيوم يحمل معنيين قريبين في الدلالة من هذا الاسم مباشرة:
- - أحدهما: أنه سبحانه وتعالى القائم بذاته غير مفتقرٍ في قيامه إلى غيره؛ لأنه جلَّ جلاله قائمٌ قيامًا ذاتيًّا أبديًّا أزليًّا، هو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء.
- - المعنى الثاني: قيامه سبحانه وتعالى بأمر خلقه في دنياهم وأخراهم، فهو الخالق سبحانه، خلقهم، وهو يدبر أمورهم، وهو يصرف أحوالهم، وهو يرزقهم، وهو يتولى أمرهم، ويحصي أعمالهم، ثم هو يحشرهم ويحاسبهم سبحانه وتعالى.
- معنى قوله تعالى:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}]الرعد: 33[، أي قائمٌ عليهم، يحصي أعمالهم سبحانه ويحاسبهم ويجازيهم عليها بعد البعث والنشور.
- ويجمع المعنيين أن الله جل جلاله لا يفتقر في قيامه إِلى شيء، ويحتاج إليه كل شيء سبحانه وتعالى.
وما أحسن قول الإمام ابن القيم
رحمه الله تعالى:
هذا ومن أوصافه
القيومُ والقيومُ في
أوصافه أمرانِ:
إحداهما: القيوم: قام
بنفسه والكون قام به هما الأمران
فالأول استغناءه عن
غيره والفقر من كلٍّ إليه
الثاني
والوصف بالقيوم ذو شأنٍ
عظيمٍ كذا موصوفه أيضًا عظيم الشأن.
* المواضع التي ذكر فيها اسم الله "القيوم".
- قال الله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه:111، 112].
- اسم الله سبحانه وتعالى القيوم جاء ثلاث مراتٍ في القرآن الكريم، وفي المواضع الثلاثة اقترن باسم الله سبحانه الحيّ:
* الموضع الأول:
- وأول ذلك: آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255].
* الموضع الثاني:
- في مطلع سورة آل عمران: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ}[آل عمران: 2 -4].
* الموضع الثالث:
- في سورة طه:{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}[طه: 111].
* ماذا يعني إيمانك باسم الله "القيوم".
- إن القلوب التي يستقر فيها بيقين معنى اسم الله سبحانه وتعالى القيوم لهي قلوبٌ تمتلئ إيمانًا، تمتلئ بالله ارتباطًا، وعليه توكلًا وإليه تفويضًا.
- إنها قلوبٌ أيقنت أن الله سبحانه وتعالى القيوم، قائمٌ بخلقها ورزقها ومعاشها وأقواتها.
- أن الله قائمٌ بكل ما تصلح به حياتها، وأن الله قائمٌ بأعمالهم يحصيها ويجازيهم عليها يوم يلقونه.
- ذاك القلب -أمة الإسلام- هو القلب الذي يمتلئ تعظيمًا وإخباتًا وارتباطًا بخالقه سبحانه وتعالى؛ لأنه قيومٌ جل جلاله.
* دعاء النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله "القيوم".
- إن هذا الاسم الكريم من أسماء الله الحسنى -القيوم- مما تفرد الله عز وجل به، ويختص به سبحانه وتعالى لفظًا ومعنى، فلا يجوز لأحد من خلقه التسمي به، فلا قيوم إِلا الله جل جلاله.
- وها هنا نتلمس أثر دعوة المصطفى عليه الصلاة والسلام: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ»؛ لأن العبد إذا وكله القيوم سبحانه وتعالى إلى نفسه هلك ولو كان طرفة عين.
يا كرام..
- إن اسم الله سبحانه وتعالى القيوم الذي ارتبط باسم الحي سبحانه يدل دلالةً عظيمةً على هذا الارتباط في حياة الله وقيوميته، حياةٌ كاملةٌ أزليةٌ أبدية، وقيوميةٌ ذاتيةٌ أزليةٌ أبدية، فيتوسل العبد بهذين الاسمين المرتبطين في كتاب الله الكريم.
- ولقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى، فاجعلوها في دعواتكم توسلًا كريمًا إلى الله الكريم، ورددوها دومًا يا حي يا قيوم.
تعليقات
إرسال تعليق