فضل صيام الأيام البيض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله
وصحبه أجمعين، وبعد .
- شرع الله -تعالى- لعباده صيام الأيّام البيض لزيادة الخيريّة في الأمّة، وذلك بزيادة الأعمال الصالحة التي تزيد من الحسنات.
- فالصيام أحد
أنواع شكر الله -تعالى- على ما أنعم به على عباده، ومن هذه النعم أن جعل القمر
مكتملاً بنوره في هذه الأيام البيض، فيحققون مصالحهم في الليل.
* سنة صيام الأيام البيض.
- كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرشِد أصحابَه ويُوصِيهم بكلِّ ما فيه الخير في دِينِهم ودُنْياهم، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحُثُّهم ويُرغِّبُهم في أعمالِ التَّطوُّع ومنها صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
- لقد صام رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- الأيام البيض من كلّ شهر وأمر بصيامها.
- يستحبّ صيام الأيام البيض في كل شهر من شهور السنة باستثناء شهر ذي الحجة؛ لأنّ اليوم الثالث عشر منه يوافق يوماً من أيام التشريق، وأيام التشريق منهيٌّ عن صيامها.
إقرأ أيضا
* سبب تسمية الأيام البيض.
- سميت الأيام البيض أو الليالي البيض بذلك؛ بسبب اكتمال القمر فيها، وكان يختارها عليهالصلاة والسلام دونًا عن كلِّ أيام الشهر.
- والأيام البيض سُنة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكن إن لم يستطع المسلم أداءها في كلّ شهر فصامها في بعض الأشهر وتركها في البعض الآخر فإنَّ ذلك لا حرج فيه.
* فضل صيام الأيام البيض.
- يتحصّل المسلم في أداءه لصيام التطوّع ومنها صيام الأيام البيض على الثواب الجزيل من الله -سبحانه وتعالى-، والغاية الأساسيّة من الصيام هي تحقيق التقوى.
- وفي سُننِ أبي داودَ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "هُنَّ كهيئةِ الدَّهرِ"، أي: إنَّ صِيامَ ثلاثةِ أيَّامٍ البِيضِ يكونُ صِيامَ الشهر؛ لأنَّ الحَسنةَ بعَشرِ أمثالِها، وصِيامَ ثَلاثةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شهرٍ كصِيامِ الدَّهرِ؛ وهذا لِمَا في صِيامِها مِن الخيرِ والبركةِ.
- حين يصوم المسلم يمتنع عن الوقوع في المعاصي؛ فتسلم جوارحه من ذلك طوال العام، ويكون حريصاً على فعل ما يحبّه الله -تعالى-، فقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- أنّه قال: «إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ».
- عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا» متفق عليه.
* هل تصام الأيام البيض متتابعة، أم متفرقة؟
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :
ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة - رضي الله عنه - بصيام ثلاثة أيام من كل شهر فمتى تصام هذه الأيام؟ وهل هي متتابعة؟
فأجاب:
- هذه الأيام الثلاثة يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة، ويجوز أن تكون من أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره، والأمر واسع ولله الحمد ، حيث لم يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- وقد سئلت عائشة -رضي الله عنها- : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: "نعم"، فقيل: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: "لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم" –رواه مسلم-؛ لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أفضل، لأنها الأيام البيض.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين"
إقرأ أيضا
* حكم صيام يوم الجمعة إذا وافق الأيام البيض.
هل يجوز صيام يوم الجمعة إذا كان من الأيام البيض؟
الجواب:
- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة منفرداً عما قبله وعما بعده؛ كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» رواه مسلم.
- فلو صام الخميس والجمعة فلا بأس، ولو صام الجمعة والسبت فلا بأس.
- لو وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء جاز صيامه؛ لأن صيامه هنا لا لأنه يوم جمعة، بل لأنه يوم عرفة أو يوم عاشوراء. وكذا إذا كان يوم الجمعة أحد أيام البيض فلا بأس من صيامه، مع ما قبله أو ما بعده. "فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الصوم/ فتوى رقم/26)
* أحاديث في فضل صيام الأيام البيض.
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله: «لا صامَ من صامَ الدَّهرَ، صومُ ثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ صومُ الدَّهرِ» صحيح الجامع.
وفي الحديث:
- مَن واظَبَ على صِيامِ ثلاثَةِ أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ تطوُّعًا، فإنَّ ذلك يعدِلُ ويُساوي في الثَّوابِ والأجْرِ كمَن صامَ السَّنةَ كلَّها.
- الحسَنةَ تُضاعَفُ إلى عشْرِ حسَناتٍ مِثلِها، فكذلك مَن صام ثلاثةَ أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ كان اليَومُ بعشَرَةِ أيامٍ، فإذا صام ثلاثةَ أيامٍ، فكأنَّه صامَ ثلاثينَ يومًا شهرًا كامِلًا، فيكونُ بصيامِه ثلاثةَ أيامٍ كلَّ شهْرٍ، كأنَّه صام السَّنةَ كلَّها.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ» رواه البخاري.
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإنَّ مِن حَسْبِكَ أنْ تَصُومَ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ بكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَذلكَ الدَّهْرُ كُلُّهُ» رواه البخاري.
- عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: «أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ نصومَ منَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيامٍ البِيضِ: ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسةَ عشَرَ، وفي روايةٍ عنه قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إذا صُمتَ منَ الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ، فصُمْ ثلاثةَ عشَرَ وأربعةَ عشَرَ وخمسَةَ عشَرَ» رواه النسائي، وهذا أمرُ إرشادٍ بصِيامِ الأيَّامِ البِيضِ؛ لِما فيها مِن عَظيمِ فَضلٍ.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق