فضل شهر شعبان .. شهر ترفع فيه الأعمال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..

الجواب في حديث أُسَامَة بنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ فقَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ" رَواهُ النَّساِئيّ.
بين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه يحب أن يكون صائمًا عندما يرفع عمله، الناس -غالبًا- يغفلون عن شهر شعبان إلا من رحم الله.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "قوله صلى الله عليه وسلم: "ذلِكَ شَهْرٌ يَغفُلُ النَّاسُ عنهُ" فيه دليل على استحباب عمارة أزمان غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله -عز وجل-.

إقرأ أيضا

* في إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها:

- الفائدة الأولى: أنه أشق على النفوس، وأفضل الأعمال أشقها على النفوس، وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس.
= فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم؛ كثر أهل الطاعة لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعات.
= وإذا كثرت الغفلات وأهلها، تأسى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المتيقظين طاعاتهم، لقلة من يقتدون بهم فيها.
وفي صحيح مسلم من حديث معقل بن يسارعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "العِبَادَةُ فِي الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ".
- الفائدة الثانية: أنه يكون أخفى، وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل، ولا سيما الصيام؛ فإنه سر بين العبد وربه، ولهذا قيل: إنه ليس فيه رياءٌ.

أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد لصيام شعبان حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
قوله صلى الله عليه وسلم"وهوَ شَهْرٌ تُرفَعُ فيهِ الأعمالُ إلى ربِّ العالمينَ"، ورفع الأعمال لا يقتصر على شهر شعبان وإنما هناك أربع صور لرفع الأعمال.
بين ابن القيم رحمه الله صور رفع الأعمال فقال: "فإن عمل العام يُرفع في شعبان كما أخبر به الصادق المصدوق، أنه ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم، ويُعرض عمل الأسبوع يوم الإثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله، وطويت صحيفة العمل".

وبعد معرفة أوقات رفع الأعمال فأوصيك أيها القارئ وأوصي نفسي بهذه الكلمات:

اخلص عملك لله تعالى وحده فبدون ذلك تكون هباء منثورًا ولن تجني منها سوى التعب.
ليكُن لك خبيئة عمل صالح لا يعلمه إلا الله وحده.
احذر الشحناء فإنها تمنع قبول الأعمال ففي الحديث: قال النبي صلى الله عليه وسلم (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى َصْطَلِحَا) صحيح مسلم.
داوم على الأعمال الصالحة كقراءة القرآن، والدعاء، والإستغفار، وقيام الليل ولو بركعة؛ ليُكتب لك أجرها ولعل الله يختم لك عليها.

إقرأ أيضا

طريقك للجنة