القائمة الرئيسية

الصفحات

فوائد من الاستعاذة والبسملة من تفسير ابن الجزي

 

فوائد من الاستعاذة والبسملة من تفسير ابن الجزي


* المقدمة.

بسم الله الحمن الرحيم

قال الشيخ الفقيه الإمام العالِم العَلم العلامة، فريد دهره، ووحيد عصره، أبو عبد الله محمد المدعو بالقاسم بن أحمد بن محمد بن جزيّ الكلبي، رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مأواه.


  • الحمد لله العزيز الوهاب، مالك الملوك ورب الأرباب، هو {الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ}[الكهف:1]، {هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ}[المؤمن:54]، وأودعه من العلوم النافعة، والبراهين القاطعة غاية الحكمة وفصل الخطاب.
  • فسبحان مولانا الكريم الذي خصنا بكتابه، وشرفنا بخطابه، فيا له من نعمة سابغة، وحجة بالغة، أوزعنا الله الكريم القيام بواجب شكرها، وتوفية حقها، ومعرفة قدرها، {وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ}[هود:88]، {هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ}[الرعد:30].

  • وصلاة الله وسلامه، وتحياته وبركاته وإكرامه، على من دَلَنا على الله، وبلغنا رسالة الله، وجاءنا بالقرآن العظيم، وبالآيات والذكر الحكيم، وجاهد في الله حق الجهاد، وبذل جهده في الحرص على نجاة العباد، وعلم ونصح وبيّن وأوضح حتى قامت الحجة، ولاحت المحجة، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين، وأصحابه الأكرمين.


  • فهذه فوائد مختصرة من تفسير ابن الجزي الذي سماه "كتاب التسهيل لعلوم التنزيل"، أسأل الله تعالى أن ينفعنا بها ويجعلها زادًا لنا إلى رمضان الذي هو شهر القرآن كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:185].

* فقد قصد الإمام ابن الجزي أربع مقاصد في تفسيره، تتضمن أربع فوائد وهي:

  1. جمع كثير من العلم في كتاب صغير.
  2. ذكر فوائد ونُكَت نادرة.
  3. إيضاح المشكلات.
  4. تحقيق أقوال المفسرين والتمييز بين الراجح والمرجوح.

 

* سمى الإمام ابن الجزي كتابه: "كتاب التسهيل لعلوم التنزيل"، وقدم له مقدمتين:

  • أحدهما في أبواب نافعة، وقواعد كلية جامعة، وهي في إثنا عشر بابًا.
  • الأخرى فيما كَثُرَ دوره من الكلمات الواقعة في القرآن، وتم جمعها لثلاثة فوائد:

  1. تيسيرها للحفظ.
  2. ليكون هذا الباب كالأصول الجامعة لمعاني التفسير.
  3. للإختصار؛ فيكتفى بِذكرها هنا عن ذِكرها في مواضِعِها.

 

* ذكر الإمام الجزي في بداية تفسيره عشرة فوائد في الإستعاذة، ومثلها في البسملة وهذا هو موضوعنا اليوم "فوائد من الاستعاذة والبسملة".

- أولًا: فوائد من الإستعاذة.

  • - الفائدة الأولى: لفظ التعوذ على خمسة أوجة؛ اثنان منها مروي عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وهي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم"، وثلاثة محدثة.
  • - الفائدة الثانية: يستحب للقارئ الاستعاذة قبل القراءة من أول السورة أو جزء منها.
  • - الفائدة الثالثة: يجهر بالاستعاذة عند الجمهور وهو المختار.
  • - الفائدة الرابعة: لايتعوذ في الصلاة عند مالك، ويتعوذ في أول ركعة عند الشافعي وأبي حنيفة.
  • - الفائدة الخامسة: جاء لفظ "أعوذ" بالمضارع دون الماضي؛ لأنه كالدعاء.
  • - الفائدة السادسة: لفظ "الشيطان" يحتمل أن يراد به الجنس، أو العهد؛ فالأول يراد به جميع الشياطين، والثاني يراد به إبليس، وهو مشتق من "شطن" إذا بعد، أو "شاط" إذا هاج.
  • - الفائدة السابعة: "الرجيم" يحتمل معنيان:

  1. الأول: بمعنى لعين طريد، وهو يناسب إبليس.
  2. الثاني: بمعني الرجيم بالنجوم، وهو يناسب الجنس؛ والأول أظهر.

  • - الفائدة الثامنة: من استعاذ بالله صادقًا أعاذه الله، فعليك بالصدق؛ كما أعاذت امرة عمران مريم وذريتها فعصمها الله.
  • - الفائدة التاسعة: الشيطان عدو حذرنا الله منه، فيأمر ابن آدم أولًا بالكفر، ثم المعاصي، ثم يثبطه عن الطاعة، ثم يفسدها عليه بالرياء والعجب.
  • - الفائدة العاشرة: القواطع عن الله أربعة:

  1. الشيطان؛ وعلاجه بالاستعاذة.
  2. النفس؛ وعلاجها بالقهر.
  3. الدنيا؛ وعلاجها بالزهد.
  4. الخلق؛ وعلاجها بالعزلة.

- ثانيًا: فوائد من البسملة.

  • - الفائدة الأولى: ليست البسملة عند مالك بآية من الفاتحة؛ ولا من غيرها إلا من النمل خاصة؛ لحديث: "إن الله يقول: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: يقول العبد الحمد لله رب العالمين ....."، وعند الشافعي آية من الفاتحة، وعند ابن عباس آية من كل سورة.
  • - الفائدة الثانية: إذا ابتدأت أول سورة بسملت إلا براءة، وإذا ابتدأت جزء سورة فأنت مخيَّر بين البسملة وتركها عند أبي عمرو الداني، وإذا أتممت سورة وبدأت بأخرى، فاختلف القراء في البسملة وتركها.
  • - الفائدة الثالثة: لا يُبسمل في الصلاة عند مالك، ويُبسمل عند الشافعي جهرًا في الجهر، وسِرًا في السِّر، وعند أبي حنيفة سِرًا في الجهر والسِّر.
  • - الفائدة الرابعة: كانوا يكتبون "باسمك اللهم"، حتى نزلت: {بِسمِ اللهِ مَجرَاهَا} فكتبوا "بسم اللهحتى نزلت {أَوْ ادعُوا الرَّحْمَن} فكتبوا "باسم الله الرحمن حتى نزل {إنَّهُ مِن سُلَيمَان وإنَّهُ بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم} فكتبوها.
  • - الفائدة الخامسة: الباء في "بسم الله" متعلقة باسم محذوف عند البصريين، وعند الكوفيين تتعلق بفعل؛ وينبغي أن يقدم متأخرًا لوجهين:
  1. أحدهما: إفادة الحصر والاختصاص.
  2. الأخرى: تقديم اسم الله إعتناءً.
  • - الفائدة السادسة: الاسم مشتق من السمو عند البصريين، وعند الكوفيين مشتق من السِّمة وهي العلامة، وقول الكوفيين أظهر في المعنى؛ لأن الاسم علامة على المسمى.
  • - الفائدة السابعة: قولك "الله" قيل: أصله الإله، ثم حذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى اللام، فاجتمع لامان فادغمت إحداهما في الأخرى، وفُخِّم للتعظيم؛ إلا إذا كان قبله كسرة.
  • - الفائدة الثامنة: "الرَّحمن الرَّحيم" صفتان من الرحمة، ومعناها: الإحسان فهي صفة فعل، وقيل: إرادة الإحسان فهي صفة ذات.
  • - الفائدة التاسعة: الفرق بين "الرَّحمن" و"الرَّحيم" على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

  1. أن "الرَّحمن" في الدنيا والآخرة، و"الرَّحيم" في الآخرة.
  2. قيل أن "الرَّحمن" عام في رحمة المؤمنين والكافرين، و"الرَّحيم" خاص بالمؤمنين؛ لقوله: {وَكَانَ بِالمُؤمِنينَ رَحِيمًا}.
  3. قيل أن "الرَّحمن" أعمّ وأبلغ، و"الرَّحيم" أبلغ لوقوعه بعده على طريق الإرتقاء إلى أعلى.

  • - الفائدة العاشرة: قدم "الرَّحمن" لوجهين:
  1. لاختصاصه بالله تعالى.
  2.  جريانه مجرى الأسماء التي ليست بصفات.
انتهى والله أعلم.


وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.













هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع