ادعو الله باسمه "القيوم"

لطائف قرآنية .. إضافة كلمة "قرآن" لما بعدها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..

* إضافة كلمة" قرآن" لما بعدها" قرآن الفجر ....، وقرآنه ...."

• يقصد بكلمة "قرآن" في جميع الاستعمالات والمواضع التي جاءت في القرآن الكريم، كلام الله المُنَّزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم المُتعبّد بتلاوته.
• وردت كلمة "قرآن" مُطلقة مراتٍ عديدة في كتاب الله، وجاءت على استعمالات مختلفة، فهي أحيانًا مرفوعة، وأحيانًا منصوبة، وأحيانًا مجرورة، وأحيانًا معرفة بـ "أل" التعريف، وأحيانًا منكرة.
• الذي استوقفنا في موضوعنا هو ورود كلمة "قرآن" مُضافة لما بعدها، حيث جاء بعدها "مضاف إليه" إما اسم ظاهر، أو ضمير.
• واللطيف أنها في هذه الحالة لم تُطلق على كلام الله نفسه!
• ومن اللطيف أيضًا أن المواضع التي وردت فيها كلمة "قرآن" مُضافة لما بعدها هي في سورتين، وذُكرت في كل سورة مرتين، فيكون مجموع ورودها أربع مرات.

* المواضع التي وردت فيها كلمة "القرآن" مضافة:

* الموضع الأول في سورة الإسراء:

 في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:78].

وفي هذه الآية إشارة إلى مواقيت الصلوات الخمس وهي:

• ما بين دلوك الشمس وهو زوالها إلى الجهة الثانية من السماء وقت الظهيرة إلى غسق الليل صلاتان هما: "الظهر والعصر".
• ما بين غسق الليل إلى قرآن الفجر صلاتان وهما: "المغرب والعشاء".
• قرآن الفجر هو صلاة الفجر.

وفي هذا الموضع أضيفت كلمة "قرآن" إلى الفجر في قوله تعالى: {وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ}، وقوله: {إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ}، وليس المراد بقرآن الفجر القرآن نفسه؛ بل المراد قراءة القرآن في صلاة الفجر.

* فضل قراءة القرآن في صلاة الفجر.

• قراءة القرآن في صلاة الفجر مشهودة تحضرها الملائكة، وتسمعها، وتشهدها، وتشهد لأصحابها، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حضور الملائكة وشهودها وشهادتها.
• عَن أبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ: كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون" متفقٌ عَلَيْهِ.

* الموضع الثاني  في سورة القيامة:

•  في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة:16-19].
• وفي هذا الموضع أضيفت كلمة "قرآن"إلى الضمير الغائب "الهاء"، في قوله تعالى: {... جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ}، وقوله: {.... فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ}.
• ليس المراد هنا كلام الله تعالى؛ بل قراءة وتلاوة كلام الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخشى أن ينسى آيات من القرآن عندما ينزل عليه جبريل عليه السلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمِّيّ لا يقرأ ولا يكتب.
• فكان صلى الله عليه وسلم يردد خلف جبريل عليه السلام الآيات القرآنية، ويُحرك لسانه بها، فنهته الآيات عن ذلك، وطمأنته بأن الله تعالى سيجعله يحفظها من أول مرة، وما عليه إلا أن يبلغها للناس.
• ولذلك جاء معنى هذه الآيات: لا تُحرك به لسانك لتعجل بحفظه، ولا تردده وراء جبريل عليه السلام بصعوبه، لآن علينا جمعه وقراءته عليك، فإذا قرأناه عليك فاتبع قراءتنا له.

* الفوائد المستنبطة من إضافة كلمة قرآن لما بعدها:

أن كلمة "قرآن" إذا أضيفت إلى ما بعدها، لا يُراد بها كلام الله نفسه "القرآن الكريم"؛ بل يُراد بها قراءة وتلاوة كلام كتاب الله تعالى، وهذا الاستعمال محصور في أربعة مواضع من القرآن وكلها كانت منصوبة وهي:

• مرتان في سورة الإسراء قوله تعالى: {وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ}، وقوله: {إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ}، والمراد كما أوضحنا أن معناه قراءة القرآن في صلاة الفجر.
• مرتان في سورة القيامة قوله تعالى: {... جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ}، وقوله: {.... فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ}، والمراد قراءة القرآن عليك يا محمد صلى الله عليه وسلم.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم