الحديث التاسع من الأربعين النووية
"النَّهي عَن كثرة السُّؤال والتَّنطُع"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..
موعدنا اليوم متابعي مدونة -طريقة للجنة- ومع حديث جديد من أحاديث الأربعين النووية، وهو الحديث التاسع "النَّهي عَن كثرة السُّؤال والتَّنطُع"
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرزقنا العمل بها؛ لننال شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
* فهيا بنا لنستمع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم *
* الحديث التاسع "النَّهي عَن كثرة السُّؤال والتَّنطُع"
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ،
فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ،
فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ
وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
* بيان معاني الحديث التاسع:
- فاجتنبوه: باعدوا منه حتمًا في المحرم، وندبًا في المكروه.
- فأتوا منه: وجوبًا في الواجب، وندبًا في المندوب.
- استطعتم: أطقتم.
- واختلافهم: بالرفع، لأنه أبلغ في ذم الاختلاف، إذ لا يتقيد حينئذ بكثرة خلافه لو جرى، ومعنى الاختلاف على الأنبياء: مخالفتهم، وهي تستلزم اختلاف الأمة فيما بينها.
* ما يستفاد من الحديث التاسع:
- الأمر بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي.
- أن النهي أشد من الأمر، لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه، وأمر قيد بالاستطاعة، ولهذا قال بعض السلف: "أعمال البِّر يعملها البار والفاجر، والمعاصي لا يتركها إلا صِدِّيق".
- أن العجز عن الواجب أو عن بعضه مسقط للمعجوز عنه، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، إلا أن المعجوز عنه إن كان له بدل فأتى به فقد أتى بما عليه، كمن عجز عن القيام في الصلاة فانتقل إلى الصلاة قاعدًا، أو على جنب، وإن عجز عن أصل العبادة فلم يأت بها كالمريض يعجز عن الصيام سقطت عنه المباشرة حالة العجز، ووجب عليه القضاء بعده، وقد يكون الوجوب مَنوطًا بالقُدرة حالة الوجوب فقط، فإذا عَجز عنه سقط رأسًا كزكاة الفطر لمن عجز عن قوته وقوت عياله.
- النهي عن كثرة السؤال، وقد قسم العلماء السؤال إلى قسمين:
- أحدهما: ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين، فهذا مأمور به لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وعلى هذا النوع تتنزل أسئلة الصحابة عن الأنفال والكلالة وغيرهما.
- الثاني : ما كان على وجه التعنت والتكلف وهذا هو المنهي عنه.
- تحذير هذه الأمة من مخالفة نبيها، كما وقع في الأمم التي قبلها.
* القواعد المستنبطة من الحديث التاسع:
قاعدة فقهية: (الأصل في النَّهي التَّحريم ما لم يأتِ صارف يصرفه).
- مثل: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ﴾ [الإسراء: 32] فالزنا مُحرم لأن هذا نهي، ولا يوجد دليل يُجيز الزنا.
- مثال: نهى النبيّ عن الشرب قائما؛ لكن النبيّ شرب قائما فانتقل من التحريم إلى الكراهة.
- قاعدة
فقهية: (الأصل في الأمر الوجوب ما لم يأتي صارف يصرفه).
- مثل: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 43] فآدائها واجب.
- مثال آخر: السُّترَة للمُصلي أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لكن النبي صلَّى على غير سترة، فانصرف الأمر للاستحباب.
- قاعدة فقهية: "الواجبات
تَسقط بالعَجز".
- نأخذ هذه القاعدة من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأتوا منه ما استطعتم"- مثال: القيام في الصلاة؛ لكن يسقط عند العجز.
- قاعدة فقهية: (المَيسور لا يسقط بالمَعسور).
- مثال: الشخص الذي لا يستطيع القيام نقول يسقط عنك القيام؛ لكن السجود والركوع لا يسقط.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
تعليقات
إرسال تعليق