كيف تنصر نبيك صلى الله عليه وسلم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
- لقد افترض الله -تبارك وتعالى- على العباد محبَّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونُصرته، وتعزيره وتوقيره، واتباع شرعه والاهتداءَ بهديه قال الله تعالى:{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح: 9]. وتعزيره -صلى الله عليه وسلم- هو نُصرته -عليه الصلاة والسلام- وتوقيره هو محبته وتعظيمه.
- والدفاع عن الإسلام وعن نبيه صلى الله عليه وسلم واجب كل مسلم، روى مسلم من حديث تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
- قال النووي في شرحه للحديث: "وأما النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه ونصرته حيا وميتا، ومعاداة من عاداه وموالاة من والاه، وإعظام حقه وتوقيره وإحياء طريقته وسنته، وبث دعوته ونشر شريعته ونفي التهمة عنها".
- ووسائل نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم متعددة على جميع المستويات، بدايةً من الفرد ومرورًا بالأسرة ووصولًا إلى المجتمع بأثره.
كيف تنصر نبيك صلى الله عليه وسلم؟
إن
أول ركن من أركان الإسلام العظيمة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول
الله، وتحقيق الشطر من الشهادتين وهو شهادة أن محمدًا رسول الله، تتم من خلال
الأمور التالية:
- أولاً: تصديق النبي في كل ما أخبر به، وأوَّله: أنه رسول الله ومبعوثه إلى الجن والأنس كافة؛ لتبليغ وحيه تعالى بالقرآن والسنة المتضمنين لدين الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى دينًا سواه.
- ثانيًا: طاعته والرضا بحكمه، والتسليم له التسليم الكامل، والانقياد لسنته والاقتداء بها، ونبذ ما سواها.
- ثالثًا: محبته فوق محبة الوالد والولد والنفس؛ مما يترتب عليه تعظيمه، وإجلاله، وتوقيره، ونصرته، والدفاع عنه، والتقيد بما جاء عنه.
فعلى
كل مسلم أن يسعى لتحقيق هذا المعنى؛ ليصح إيمانه، وليحقق الشطر الثاني من كلمة
التوحيد، ولتقبل شهادته بأن محمدًا رسول الله، فإن المنافقين قالوا: {نَشْهَدُ
إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ
يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1]. فلن تنفعهم
شهادتهم؛ لأنهم لم يحققوا معناها.
وإليكم
بعض الأمور التي يمكننا من خلالها العمل بمقتضى تلك المحبة، وواجب القيام بذلك
الحق للنبي صلى الله عليه وسلم تجاه هذه الهجمة الشرسة عليه أن نفديه بأولادنا
ووالدينا وأنفسنا وأموالنا، كلٌّ على قدر إمكاناته؛ فالكل يتحمل مسئوليته ومن خلال
موقعه.
أولًا: وسائل نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى الفرد.
- استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته، والذب عنه .
- الانقياد لأمر الله تعالى بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومناصرته وحمايته من كل أذى يُراد به، أو نقص ينسب إليه، كما قال تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9].
- التفكير في دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم القاطعة بأنه رسول رب العالمين، وأولها القرآن الكريم، وما تضمنه من دلائل على صدق نبوته.
- تعلم الأدلة من القرآن والسنة والإجماع الدالة على وجوب طاعة النبي، والأمر باتباعه، والاقتداء به.
- العلم والمعرفة بحفظ الله لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك من خلال الجهود العظيمة التي قام بها أهل العلم على مر العصور المختلفة، فبينوا صحيحها من سقيمها، وجمعوها على أدق الأصول التي انفردت بها هذه الأمة عن غيرها من الأمم السالفة.
- التعرف على الآيات والأحاديث الدالة على عظيم منزلته صلى الله عليه وسلم عند ربه، ورفع قدره عند خالقه، ومحبة الله عزوجل له، وتكريم الخالق سبحانه له غاية التكريم.
- قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مع الوقوف على حوادثها موقف المستفيد من حكمها وعبرها، ومحاولة ربطها بحياتنا وواقعنا، وتعلم سنته بقراءة ما صححه أهل العلم من الأحاديث المروية عنه صلى الله عليه وسلم، ومحاولة فهم تلك الأحاديث، واستحضار ما تضمنته تلك التعاليم النبوية من الحِكم الجَليلة، والأخلاق الرفيعة، واتباع سنته صلى الله عليه وسلم كلها، مع تقديم الأوجب على غيره.
- الحرص على الاقتداء به في المستحبات، ولو أن نفعل ذلك المستحب مرة واحدة في عمرنا؛ حرصًا على الاقتداء به في كل شيء.
- الحذر والبعد عن الاستهزاء بشيء من سنته، والحزن لاختفاء بعض سنته بين البعض من الناس.
- الفرح بظهور سنته صلى الله عليه وسلم بين الناس، وبغض أي منتقد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو سنته.
- الالتزام بأمر الله تعالى لنا بحبه صلى الله عليه وسلم، وذلك بقراءة شمائله وسجاياه الشريفة، وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري في صورته وفي أخلاقه، وتقديم محبته صلى الله عليه وسلم على النفس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وولده، ووالده، والناس أجمعين".
- استحضار الثواب الجزيل في الآخرة لمن حقق محبة النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الصحيح، بأن يكون رفيق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمن قال إني أحب الله ورسوله: "أنت مع من أحببت".
- الحرص على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، وبعد الأذان، وفي يوم الجمعة، وفي كل وقت؛ لعظيم الأجر المترتب على ذلك، ولعظيم حقه علينا.
- استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى الله عليه وسلم على كل واحد منا، وذلك بعزو كل خير دنيوي وأخروي إليه بعد فضل الله تعالى ومنته إذ هو الذي بلغنا دين الله تعالى أحسن بلاغ وأتمه وأكمله، فقد بلغ صلى الله عليه وسلم الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًّا عن أمته.
- استحضار أنه صلى الله عليه وسلم أرأف وأرحم وأحرص على أمته، قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6].
- الالتزام بأمر الله تعالى لنا بالتأدب معه، ومع سنته؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}[الحجرات: 2]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}[الحجرات: 3]، وقال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}[النور: 63].
- محبة آل بيته صلى الله عليه وسلم من أزواجه وذريته، والتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولإسلامهم، والعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم في آل بيته، عندما قال: "أذكركم الله في أهل بيتي" ثلاثًا.
- محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم، واعتقاد فضلهم على من جاء بعدهم في العلم، والعمل، والمكانة عند الله تعالى.
- محبة العلماء وتقديرهم لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة؛ فالعلماء هم ورثة الأنبياء، فلهم حق المحبة والإجلال، وهو من حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته.
ثانيًا: وسائل نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى الأسرة والمجتمع.
- اقتداء الزوج في معاملة أهل بيته بالرسول صلى الله عليه وسلم.
- تربية الأبناء على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله.
- تخصيص درس أو أكثر في الأسبوع عن السيرة تجتمع عليه الأسرة.
- اقتناء الكتب والأشرطة عن سيرته صلى الله عليه وسلم.
- انتقاء الأفلام الكرتونية التي تهدف إلى تعليم الأبناء سنن وأذكار النبي صلى الله عليه وسلم.
- تشجيع الأبناء على حفظ الأذكار النبوية، وتطبيق ذلك.
- تشجيع الأبناء على اقتطاع جزء من مصروفهم اليومي من أجل التطبيق العملي لبعض الأحاديث، مثل: "كفالة اليتيم، إطعام الطعام، مساعدة المحتاج".
- تعويد الأبناء عل استخدام الأمثال النبوية من أحاديثه الشريفة، مثل: "المؤمن كَيِّسٌ فَطِن"، "لا يُلدَغ الُمؤمِن مِن جُحرٍ مَرتين"، "يَسِروا ولا تُعَسِروا".
- تنظيم مسابقات أسرية عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تطبيق مشروع "يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم"؛ لتعريف الأسرة المسلمة بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: وسائل نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى الأئمة، والدُعاة، وطلبه العلم.
- بيان خصائص دعوته ورسالته صلى الله عليه وسلم وأنه بُعِثَ بالحَنيفية السَّمحة، وأن الأصل في دعوته هو هداية الناس كافة إلى إفراد العبادة لرب الناس.
- بيان صفاته صلى الله عليه وسلم الخَلقية والخُلقية قبل وبعد الرسالة.
- بيان فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم، وخصائص أمته بأسلوب ممتع.
- العمل على دعوة الناس وهدايتهم إلى دين الإسلام؛ بجميع أجناسهم وقبائلهم.
- بيان مواقفه صلى الله عليه وسلم مع أهله، وجيرانه، وأصحابة رضوان الله عليهم.
- بيان كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه من أهل الكتاب، والمشركين، والمنافقين.
- بيان منهجه صلى الله عليه وسلم في حياته اليومية.
- تخصيص بعض خُطب الجُمعة للتذكير بمشاهد من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وربطها بالآيات التي تتكلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم.
- إضافة حلقات لتحفيظ السنة النبوية بجانب حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد.
- تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى عامة الناس حول سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى التمسك بما صح عنه صلى الله عليه وسلم بأسلوب بسيط واضح.
- ذكر فتاوى علماء الأمة التي تبيِّن حُكم من تَعرض لرسول الأمة صلى الله عليه وسلم بشيء من الانتقاص، ووجوب بغضّ من فعل ذلك والبراءة منه.
- التحذير في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة من الغلوِّ فيه صلى الله عليه وسلم، وبيان الآيات التي تنهي عن الغلو كقوله: {لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171]. والأحاديث الخاصة في ذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم"، وبيان أن المحبة الصادقة هي في اتباعه صلى الله عليه وسلم.
- حث الناس على قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مصادرها الأصلية، وتبيين ذلك لهم.
- الرَّد على الشبهات والأباطيل التي تثار حول الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيرته.
رابعًا: وسائل نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم على مستوى قطاع التعليم والعاملين فيه.
- زرع محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس الطلبة والطالبات، من خلال تعليم سيرته وشمائله صلى الله عليه وسلم.
- الإكثار من عقد المحاضرات التي تغطي جوانب من حياة الرسول وشخصيته صلى الله عليه وسلم.
- حث مسئولي قطاعات التعليم إلى إضافة مادة السيرة النبوية إلى مناهج التعليم والدراسات الإسلامية، وتشجيع البحث العلمي في السيرة النبوية.
- إقامة مسابقة سنوية للطلبة والطالبات لأفضل بحث في السيرة النبوية، وتخصيص جوائز قيِّمة لها.
- العمل على تمويل الجامعات الغربية المشهورة؛ لتدريس السيرة النبوية.
- العمل على إعداد موسوعية أكاديمية في السيرة النبوية، وترجمتها إلى اللغات العالمية.
- العمل على إقامة المعارض المدرسية والجامعية التي تعرف بالرسول صلى الله عليه وسلم، وتخصيص أركان خاصة في المكتبات تحوي كل ما له علاقة بالرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته.
- إقامة دورات تدريبية متخصصة لإعداد القادة للاقتداء بالمصطفي في المواقف المختلفة من جوانب حياته.
ونحن في الحقيقة لا نخاف على مقام النبي صلى الله عليه وسلم من جهالات
السفهاء؛ لأن الله سبحانه يدافع عن رسوله ويعصمه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67]،
وقال سبحانه: {إِنَّا
كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95]، ولكننا نخاف إن قصرنا في التعريف به
صلى الله عليه وسلم، وبسيرته، وبسنته، واتباعه وهذا هو واجبنا إتجاه رسولنا الكريم
صلى الله عليه وسلم.
أسأل
الله العظيم أن يغفر لنا تقصيرنا في ذلك، ويرزقنا حُسن الإقتداء بنبينا الكريم،
والسير على نهجه ويثبتنا على ذلك إلى أن نلقاه صلى الله عليه وسلم على حوضه الشريف
ويسقينا من يديه الشريفه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، رزقنا الله تعالى وإياكم هذا
الفضل العظيم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
تعليقات
إرسال تعليق