بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
أهلًا بكم متابعي وزوار مدونة -طريقك للجنة- قد تحدثنا في اللقاء السابق عن بعض شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، وذكرنا نسبه، وأسمائه، وأوصافه صلى الله عليه وسلم.
ونكمل في هذا اللقاء بإذن الله شمائل النبي صلى الله عليه وسلم ومع "أوصافه صلى الله عليه وسلم الخَلقية، وبعض أوصافه الخُلُقية".
* أولًا: أوصافه صلى الله عليه وسلم الخَلقية.
- جسده الشريف صلى الله عليه وسلم.
- قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ» أي: أبيض مُشرَبًا بحُمرَة مستديرًا.
- «كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ» أي: كان عرقه صلى الله عليه وسلم أبيض صافيًا كاللؤلؤ، وأطيب ريحًا من المِسك، حتى كانت أم سليم تجمعه وتتطيَّب به.
- «إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ» أي: كانت مشيته صلى الله عليه وسلم موجهة إلى الجهة التي يقصدها، لا يتوجه ولا يتلفت يمينًا ولا شمالًا.
- «وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً» وهو نوعٌ نفيسٌ من الحرير، «وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أي: كان جلده صلى الله عليه وسلم ناعم الملمس كالحرير.
- «وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أي: كان صلى الله عليه وسلم طيِّب الرائحة من غَير طِيب.
- قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ» أي: أبيض مُشرَبًا بحُمرَة مستديرًا.
- «كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ» أي: كان عرقه صلى الله عليه وسلم أبيض صافيًا كاللؤلؤ، وأطيب ريحًا من المِسك، حتى كانت أم سليم تجمعه وتتطيَّب به.
- «إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ» أي: كانت مشيته صلى الله عليه وسلم موجهة إلى الجهة التي يقصدها، لا يتوجه ولا يتلفت يمينًا ولا شمالًا.
- «وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً» وهو نوعٌ نفيسٌ من الحرير، «وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أي: كان جلده صلى الله عليه وسلم ناعم الملمس كالحرير.
- «وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أي: كان صلى الله عليه وسلم طيِّب الرائحة من غَير طِيب.
- قامته صلى الله عليه وسلم.
- قَالَ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا» أي: متوسط القامة "بين الطويل والقصير".
- «بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ» أي: عريض أعلى الظهر، «لَهُ شَعَرٌ» أي: في رأسه، «يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ».
- «رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ» الحُلة لا تكون إلا من ثوبين، أو ثوب له بطانة، "حَمْرَاءَ" أي: منسوجة بخطوط حمراء مع سواد كسائر البرود اليمنية، وليست كلها حمراء؛ لأن الأحمر البحت منهي عنه.
- «لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ» إذ حقيقة الحُسن الكامل فيه لأنه الذي تم معناه دون غيره.
- وجهه صلى الله علهي وسلم.
قَالَ كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ»،
وسأل رجلٌ البراءَ بنَ عازبٍ رضي الله عنه: أكان وجهُ رسولِ اللهِ مثلُ السَّيفِ؟ قال: «لَا؛ بَل مِثلُ القَمَرِ».
- شعره صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ ضَخْمَ اليَدَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكَانَ شَعَرُ النَّبِيِّ ﷺ رَجِلًا، لا جَعْدَ»،أي: لا إلتواء فيه، «وَلا سَبِطَ» أي: ولا مُسترسل.
- عينه صلى الله عليه وسلم.
قَالَ جابر بن سُمرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ضَلِيعَ الفَمِ» أي: واسعه، «أَشْكَلَ العَيْنِ» أي: فيه حُمرةٌ في بياض العينين، «مَنْهُوسَ العَقِبَيْنِ» أي: قليل لحم العقب.
- عرقه صلى الله عليه وسلم:
قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «دَخَلَ عَلَيْنَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ» أي: نام نومة القيلولة، «عِنْدَنَا، فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ العَرَقَ فِيهَا» أي: تجمع، «فَاسْتَيْقَظَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا أُمَّ سُلَيْمٍ ما هذا الذي تَصْنَعِينَ؟ قالَتْ: هذا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ في طِيبِنَا، وَهو مِن أَطْيَبِ الطِّيبِ».
- خاتم النبوة:
كان له خاتم النُّبُوَّة بين كتفيه، وهو شئٌ بارزٌ في جسده صلى الله عليه وسلم كالشَّامة.
عن جابر بن سمرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّه قال: «ورأيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَة الحَمَامَة، يُشْبِهُ جَسَدَه» رواه مسلم .
* ثانيًا: أوصافه الخُلُقية صلى الله عليه وسلم.
- إجلال أصحابه له.
قال عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «ما كانَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيَّ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ولا أجَلَّ في عَيْنِي منه، وما كُنْتُ أُطِيقُ أنْ أمْلأَ عَيْنَيَّ منه إجْلالًا له، ولو سُئِلْتُ أنْ أصِفَهُ ما أطَقْتُ؛ لأَنِّي لَمْ أكُنْ أمْلأُ عَيْنَيَّ منه، ولو مُتُّ علَى تِلكَ الحالِ لَرَجَوْتُ أنْ أكُونَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ» رواه مسلم .
- أدبه مع الله.
قَالَ عبد الله بن الشِّخير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقُلنا أنتَ سيِّدُنا، فقال: السَّيِّدُ اللهُ تبارَكَ وتعالى، فقلنا: وأفْضَلُنا فضْلًا، وأعْظَمُنا طَوْلًا، فقال: قولوا بقولِكم، أو بعضِ قولِكم، ولا يَسْتَجْريَنَّكم الشَّيطانُ».
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يُحبُّونَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حبًّا جمًّا ويُعظِّمونَه، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرُّهم فَقطْ على القَدْرِ الذي يَليقُ به في تَعظيمِهم ومَدْحِهم إيَّاه؛ حتَّى لا يُوقِعَهم الشيطانُ في الغُلوِّ وما فيه مُخالَفةٌ ومَعصيَّةٌ.
- يقولُ عبدُ اللهِ بنُ الشِّخِّيرِ رضِيَ اللهُ عنه: «انطلَقْتُ في وفْدِ بَني عامِرٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم»، أي: قاصِدينَ ومتوجِّهينَ إليه.
- «فقُلنا» أي: بعدَ أنْ وصَلْنا وقابَلْنا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مادِحينَ له: «أنتَ سيِّدُنا»، فقال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «السَّيِّدُ اللهُ تبارَكَ وتعالى»، أي: الَّذي له السِّيادةُ على الحقيقَةِ هو اللهُ عزَّ وجلَّ.
- قال عبد الله: «فقلنا: وأفْضَلُنا فضْلًا»، أي: أعْلانا رُتبَةً وشرَفًا ومزِيَّةً، «وأعْظَمُنا طَوْلًا»، أي: أكثرُنا عَطاءً وعلوًّا ورِفعَةً.
- فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قولوا بقولِكم»؛ الَّذي قُلتُموه، أو «بعْضِ قولِكم»، أي: اترُكوا بعْضًا ممَّا تَقولون؛ لعَدَمِ المُبالغَةِ في المدْحِ.
- «ولا يسْتجْريَنَّكمُ الشَّيطانُ»، أي: لا يَستعْمِلنَّكم الشَّيطانُ فيما يُريدُ، أو لا تُبالِغوا في المَديحِ حتَّى لا يَجرَّكم الشَّيطانُ إلى ما يُخالِفُ الحقَّ فتَقَعوا في الباطِلِ.
قيل: إنَّ تَخصيصَ السِّيادةِ للهِ عزَّ وجلَّ في هذا الحَديثِ لا يُنافِي قولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثٍ آخَرَ: «أنا سيِّدُ ولدِ آدَمَ، ولا فَخْرَ»، ولا قولَه صلَّى الله عليه وسلَّم لبَني قُريظةَ: «قُوموا إلى سَيِّدِكم» يُريدُ سَعْدَ بنَ مُعاذٍ؛ وذلك أنَّهم كانوا في هذا الوقتِ حَديثِي عَهدٍ بجاهليَّة، وربَّما قَصَدوا بالسِّيادةِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعضَ المعاني المشترَكةِ في حَقِّ اللهِ تعالى؛ فرَدَّها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لله عزَّ وجلَّ.
- شجاعته صلى الله عليه وسلم.
قَالَ عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كُنَّا إذَا حَمِيَ البَأسُ وَلَقِيَ القَومُ القَومَ اتَّقَينَا برَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَّا أَدنَى إلَى القَومِ مِنهُ».
- خشيته صلى الله عليه وسلم.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أمَا واللهِ إنِّي َلأخشاكم للهِ وأتْقاكم له، لكنِّي أصومُ وأفطرُ، وأصلِّي وأرقدُ، وأتزوَّجُ النِّساءَ»، أي: مع كَوني أكثرَكم خشيةً للهِ وأكثرَكم تقوًى له، ولكنِّي مع ذلك لا أُبالغُ في العبادةِ ما تُريدونَ المبالغةَ فيها.
- تواضعه صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو مَسعُود عُقبَةَ بن عَمرو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ رجلٌ، فَكَلَّمَهُ، فجَعلَ ترعدُ فرائصُهُ، فقالَ لَهُ: «هوِّن عليكَ، فإنِّي لستُ بملِكٍ، إنَّما أَنا ابنُ امرأةٍ تأكُلُ القَديدَ».
- كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحْسنَ الناسِ خُلقًا، ومتَّصِفًا بمكارِمِ الأخلاقِ كلِّها، ومنها التَّواضُعُ والرِّفقُ بالنَّاسِ، والتَّبسُّطُ مع أصحابِه دون تَضييعٍ للهَيبةِ والوَقارِ.
- ووَجْهُ التَّواضُعِ في قولِه صلى الله عليه وسلم: «أنا ابنُ امرأةٍ»؛ لأنَّ هذا حَقيقةُ الأمرِ، وهي أنَّ كلَّ إنسانٍ مَولودٌ مِنَ امْرأَةٍ؛ فهو ابنُها؛ ولكنْ مِن شأنِ المتكبِّرين أحيانًا أنَّهم يأنَفون مِن أنْ يتذَكَّروا هذه الحَقيقةَ؛ فكان ذِكْرُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لذلكَ تهدئةً وتَأْنيسًا لِلرَّجُلِ، مَع إظْهارِ التَّواضعِ وعَدمِ التجَبُّرِ على النَّاسِ.
- وفي قولِه: «تأكُلُ القَديدَ»، أنَّهم لم يَكُنْ عندهم درَجةُ الرَّفاهيةِ الَّتي تكونُ في أبناءِ المُلوكِ؛ فربَّما أكلوا اللَّحمَ المخزَّنَ مِن ذَبائحِهم وليس الطَّازَجَ.
- وهذا الكلامُ مِن تواضُعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مع النَّاسِ، ورِفقِه بهِم كما أمَره اللهُ تعالى فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، وقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215].
- تيسيره صلى الله عليه وسلم.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «ما خُيِّرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا اخْتارَ أيْسَرَهُما ما لَمْ يَأْثَمْ، فإذا كانَ الإثْمُ كانَ أبْعَدَهُما مِنهُ» صحيح البخاري.
- كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَؤوفًا رحيمًا، وكان يحبُّ التيسيرَ على المسلِمين في كلِّ الأمورِ المُحتَملةِ، فكان دائمًا ما يميلُ عندَ الاختِيارِ إلى السَّهلِ اليَسيرِ، إلَّا أنْ يكونَ في ذلكَ وقوعٌ في الحُرماتِ أو المعْصيةِ، فإذا رأى أنَّ في التيسيرِ دُخولًا في الإثم فإنَّه يأخذُ بالعزائمِ والشِّدَّةِ.
- وفي الحديثِ: إرشادٌ المسلمينَ إلى أَنْ يكونَ سبيلُ حَياتِهم على التيسيرِ والمُسامحةِ والبعدِ عن التشدُّدِ المبالَغِ فيه، مع الوقوفِ عندَ حُرماتِ اللهِ وحُدودِه؛ فلا تُرتكَبُ المعاصي والذُّنوبُ.
ونقف في هذا اللقاء عند "تسيره صلى الله عليه وسلم"
ونكمل في اللقاء القادم بإذن الله أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم الخُلُقية
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق