القائمة الرئيسية

الصفحات

من دعاء إبراهيم عليه السلام "رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ"

رب هب لي,دعوة إبراهيم,دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء,دعاء سيدنا إبراهيم الوارد في سورة الشعراء,من أدعية سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء,دعاء إبراهيم عليه السلام الوارد في سورة الشعراء, الدعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة,من دعاء إبراهيم عليه السلام رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين,شرح دعاء رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين

دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}
دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..

سور القرآن الكريم بها الكثير من الأدعية التي وردت على لسان أنبياء الله تعالى، والتي تختلف باختلاف المواقف والأحداث التي مر بها أنبياء الله مع أقوامهم.
  • وكثير مِنّا يمر بظروف ومواقف مشابهه كما مر بها أنبياء الله تعالى، فنأخذ من قَصصهم العِبرة والعِظة، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف:111].
  • فهم القدوة والأسوة لنا في ذلك قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ..... الآية} [الأنعام:90].
من دعاء إبراهيم عليه السلام رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين

* من الأدعية الشاملة لخيري الدنيا والآخرة {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}.

  • الأدعية التي وردت على لسان نبي الله إبراهيم عليه السلام كثيرة، وذلك لتعدد المواقف التي مر بها سيدنا إبراهيم عليه السلام، فما من موقف مر به سيدنا إبراهيم عليه السلام إلا وكان له دعاء في هذا الموقف، أو هذه الحادثة.
  • نذكر من هذه الأدعية ما جاء في سورة الشعراء في قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} [الشعراء:83-85].
  • وهذا الدعاء الذي جاء على لسان إبراهيم عليه السلام شامل لخيري الدنيا والآخرة، ودعى به سيدنا إبراهيم بعد أن ثنى على ربه عز وجل بما له من الصفات العُلا، والنعوت الجليلة؛ لأن ذلك أعظم الوسائل الموجبة لقبول الدعاء واستجابته.
  • وهذا النوع هو أعلى أنواع التوسل إلى اللَّه عز وجل، وهو التوسل إليه تعالى بالأسماء الحسنى، أو بالصفات العُلا، سواء كانت ذاتية أو فعلية.
  • وهذا الدعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة، لأن سيدنا إبراهيم عليه السلام سأل الله تعالى في البداية الحِكمة والبَصيرة، ثم صِدق المَقال في الدنيا مع عقيدة صافية وقلب سليم، ثم وراثة الجنة في الآخرة والنّجاة من خزي يوم القيامة.
شرح دعاء رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين

* شرح معاني دعاء {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}.

- أولًا: سؤال سيدنا إبرهيم عليه السلام سعادة الدنيا في قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ}.

* قوله: {حُكْمًا}: لها عدة معاني:

  •  معرفة بك ربنا، وبحدودك، وأحكامك [تفسير القرطبي].
  • علماً أعرف به الأحكام، والحلال، والحرام، وأحكم به بين الأنام [تفسير السعدي].
  • الحكمة التي أعرف بها القيم الصحيحة من القيم الزائفة.

قوله: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}:
  • أي اجعلني مع الصالحين في الدنيا والآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عند الاحتضار: "اللَّهُمّ في الرفيق الأعلى قالها ثلاثاً" رواه البخاري ومسلم.
  • وهذا المطلب كان من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمينَِ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِين" رواه أحمد.
  • فالعبد يجتهد أن يرافق الصالحين في الدنيا، فإن الرحمة، والسلامة، والهدى تحوطهم حتى ينال صحبتهم، ومنازلهم ومقامهم في الآخرة، وإن لم يعمل بعملهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" رواه البخاري ومسلم.
دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء
قوله: {وَاجْعَــــلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}:
  • يعني الثناء الحسن بين الناس، أُذكَر بالخير، والثناء الطيّب في باقي الأمم الآتية من بعدي، وهذا يتضمّن سؤال الدوام والختام على الكمال، وطلب نشر الثناء عليه.
  • وهذا ما تتغذى به الروح من بعد موته؛ لأن الثناء عليه يستدعي دعاء الناس له، والصلاة والتسليم جزاء على ما عرفوه من زكاء نفسه. [التحرير والتنوير لطاهر بن عاشور].
  • فاستجاب اللَّه دعاءه، فوهب له من العلم والحكم، ما كان به من أفضل المرسلين، وألحق بإخوانه المرسلين، وجعله محبوباً مقبولاً، مُعظَّماً مُثنىً عليه في جميع المِلل، في كل الأوقات. [تفسير السعدي]، وفي كل الأزمنة.
  • روى أشهب عن مالك قال: قال اللَّه عزوجل: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}: لا بأس أن يحب الرجل أن يُثنى عليه صالحاً، ويُرى في عمل الصالحين، إذا قصد به وجه اللَّه تعالى. [تفسير القرطبي]. 
دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء

  • وقد أخذ أهل العلم من هذه الدعوة الترغيب في العمل الصالح الذي يكسب  العبد به الثناء الحسن، ويورّثه الذِكر الجميل، إذ هو الحياة الثانية، كما قيل: "قد مات قوم وهم في الناس أحياء" أي: بذكرهم الطيّب، وسيرتهم العطرة. [فقه الأدعية والأذكار، د. عبد الرزاق عبد المحسن البدر].
  • ونرى أن هذه الدعوة التي دعى بها سيدنا إبراهيم واضحة الأثر في موضع آخر عندما كان يرفع قواعد البيت الحرام هو وابنه إسماعيل عليهما السلام في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [البقرة:128- 129].
  • وقد استجاب الله عز وجل له وحقق دعوته، وجعل له لسان صدق في الآخرين، وبعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم.
  • وكانت الاستجابة بعد آلاف من السنين هي في عُرف الناس أمد طويل، وهي عند الله سبحانه أجل معلوم تقتضي حكمته أن تتحقق الدعوة المستجابة فيه قال تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} [الصافات: 108-111].

دعاء إبراهيم عليه السلام الوارد في سورة الشعراء

- ثانيًا: سؤال سيدنا إبرهيم عليه السلام سعادة الأخرى الأبدية في قوله تعالى: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}.

  • أي: اجعلني من السعداء في الآخرة الذين يستحقون ميراث جنّات الخُلد، وقد أجاب اللَّه تعالى دعوته، فرفع منزلته في أعلى جنّات النعيم.
  • وفي هذا حثٌّ من اللَّه تبارك وتعالى لعباده على قوّة الهِمم إلى الجِدّ في السؤال بهذه الدعوات المُباركات؛ لما تتضمنه من خيري الدنيا والآخرة.
  • وفي هذا الدعاء أراد سيدنا إبراهيم عليه السلام الثناء الحسن في الدنيا والآخرة فأجابه الله، والمعلوم أنه لا توجد أمة إلا تنازعت في إبراهيم عليه السلام قالت اليهود إبراهيم يهوديًا، وقالت النصارى إبراهيم نصرانيًا، وقال المسلمون: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67].
  • وما زلنا نرى آثار إبراهيم عليه السلام في مناسك الحج والأضحية كلها، وقد قرن الله ذكره بذكر محمد صلى الله عليه وسلم في صلاة المسلمين إلى أبد الآبدين.
دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء

فوائد من دعاء {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}.

تضمنت هذه الدعوات الجليلات جملاً من الفوائد:
  • يحسُن للمسلم أن يجمع في دعائه من خيري الدنيا والآخرة، وأن تكون الدار الآخرة هي مقصده، ومطلبه الأعظم.
  • أهمية التوسّل بصفات اللَّه تعالى، ومنها صفة (الهِبة) الفعلية، كما في كثير من الأدعية القرآنية؛ فإن فيها من كمال الأدب، والتعظيم، والثناء على اللَّه تعالى حال السؤال، والدعاء.

على المسلم أن يسأل اللَّه تعالى أن يزيده من العلم والحِكمة لما ينفعه في دينه ودنياه وآخرته.
  • على المسلم أن يسأل اللَّه تعالى أن يرزقه مرافقة الصالحين في الدنيا والآخرة.
  • على المسلم أن يسأل اللَّه تعالى أن يرزقه الثناء الحسن في الدنيا لما يترتب عليه من الفوائد الآتية:
- الدعاء له.
- الاقتداء، والتأسي به.
- القبول عند المخاصمة، والوعظ، وغير ذلك.
  • جنة النعيم يرثها عباد الله الصالحون، فإذا كان الإنسان من أهل الصلاح دخل الجنة وجلس في مقعده فيها، وإن كان من أهل الضلال فيكون في النار ويخلو مكانه في الجنة ويرثه المؤمن، وهذا تمام النعمة، ويحفظ الله النعمة في الدنيا بالذكر، والنعمة في الآخرة بالخلود في الجنة. 

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الجنّة وما قرب إليها من قول أو عمل، ويجعلنا من ورثة جنّة النعيم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
دعاء سيدنا إبراهيم في سورة الشعراء





هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع