القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح معاني أسماء القرآن الأربعة الثابتة



شرح معاني أسماء القرآن الأربعة الثابتة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..

  • يقول الشيخ عبد العزيز الداخل -حفظه الله- في بيان الحاجة إلى تجديد وسائل النشر لعلم فضائل القرآن:
  • علم فضائل القرآن من العلوم التي تمسّ الحاجة إلى تحرير القول فيها وإحسان بيانها، والدعوة إلى الله تعالى ببيان فضائل كتابه من أعظم مجالات الدعوة نفعاً، وأحسنها أثراً، إذا أحسن الداعية طريقة بيان فضل القرآن، وأحسن الدعوة إلى تلاوته وتدبّره واتّباع هداه.
  • وكم أسلم من كافر كان عنيدًا شديد العداوة للإسلام بعد قراءته ما عرّفه فضل القرآن، ومنهم من يُترجم له بعض ذلك فيقرأ ويتأثر ويسلم بسببه، وكم من غافل ذُكّر بفضل القرآن فتذكّر وأقبل على تلاوته وتدبّره فنفعه الله به.
فاللهم انفعنا بالقرآن، وشرّفنا بخدمة القرآن
اللهم آمين.

* بيان فضل القرآن.

  • من دلائل فضل القرآن الكريم تعدّد أسمائه وصفاته.
  • أسماء القرآن ليست أعلامًا محضة، وإنّما هي أعلام ذات أوصاف مقصودة ودلائل بيّنة.
  • أسماء القرآن الثابتة أربعة وهي: "القرآن، والفرقان، والكتاب، والذكر".
  • أما صفات القرآن فكثيرة جليلة جامعة.
  • توسّع بعض العلماء في تِعدَاد أسماء القرآن فعدّوا صفاته من أسمائه، واشتقّوا له أسماء من بعض ما أخبر الله به عنه، وهو خطأ بيّن.
  • الأسماء المتضمّنة للصفات يصحّ اعتبارها أسماء، ويصح اعتبارها أوصافاً؛ فتقول: إن "الفرقان" من أسماء القرآن، وتقول: إن من صفات القرآن أنه "فرقان".
  • إن التفكر في معاني أسماء القرآن وصفاته، وتأمّل دلائلها العظيمة، وآثارها المباركة يفتح للمؤمن أبواباً من اليقين النافع الذي يجد أثره في قلبه ونفسه، ويعرّفه بفضله وعُلُوِّ قَدْرِهِ وَعِظَمِ شأنه، ويرغّبه في تلاوته وتدبّره واتّباع هداه.


* الاسم الأول: «القُرآن».

  • هو أصل أسمائه وأشهرها.
  • سمّي قرآناً؛ لأنّه الكتاب الذي اتّخذ للقراءة الكثيرة التي لا يبلغها كتاب غيره.
  • قال تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الزخرف:1-3].
  • قول ابن عباس- رضي الله عنه- أن القرآن والقراءة واحد، والدليل عليه قوله: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}[القيامة: 18] أي: تلاوته، أي: إذا تلوناه عليك فاتبع تلاوته.
  • قال سفيان بن عيينة: سُمِيَ القرآن قرآنًا؛ لأن الحروف جمعت فصارت كلمات، والكلمات جمعت فصارت آيات، والآيات جمعت فصارت سورًا، والسور جمعت فصارت قرآنًا، ثم جمع فيه علوم الأولين والآخرين.
  • فالحاصل أن اشتقاق لفظ القرآن: إما من التِّلاوة، أو من الجمعية.


* الاسم الثاني«الكِتَاب».

  • سمّي بالكتاب؛ لأنّه مكتوب، أي مجموع في صُحُف.
  • واشتقاقه من الجمع والضَّم على قول كثير من العلماء.
  • قال الله تعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة:1-2]، وقال تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ}[الزخرف:1-2].

* فائدة:
  • قال بعض أهل العلم: إن الكتاب سمّي كتابًا لجمعه الأحرف وضمّها؛ كما سُمِّيَت الكتيبة كتيبة لضمّها الجنود المقاتلين، وهذا في تسمية جنس الكتب بذلك.
  • أمّا تسمية القرآن بالكتاب؛ فالأظهر أنه سمّي بذلك للدلالة على جمعه ما يُحتاج فيه إلى بيان الهُدى في جميع شؤون العباد؛ فجمع الأحكام، والحِكمَة، والآداب، والبصاِئر، والمواعِظ، والهُدى، وما تقوم به مصالح دينهم ودنياهم.

فالحمد لله على نِعمَةِ القُرآن!.


* الاسم الثالث: «الفُرقَان».

  • سمّي بالفرقان؛ لأنّه فرقان بين الحقّ والباطل؛ وبين سبيل المؤمنين وسبل الفاسقين من الكفار والمنافقين.
  • قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1].
  • والفُرْقَان مصدر مفخّم للدلالة على بلوغ الغاية في التفريق وبيان الفَرْق، وأوجه التفريق القرآني كثيرة متنوّعة.

* قال ابن جرير الطبري:

"وأصل "الفرقان" عندنا: الفرق بين الشيئين والفصل بينهما. وقد يكون ذلك بقضاء، واستنقاذ، وإظهار حجة، ونصر وغير ذلك من المعاني المفرّقة بين المحق والمبطل؛ فقد تبين بذلك أن القرآن سمي "فرقانالفصله -بحججه وأدلته وحدود فرائضه وسائر معاني حكمه- بين المُحِق والمُبطل. وفرقانه بينهما: بنصره للمُحِق، وتخذيله للمُبطِل، حُكمًا وقضاءً".

وفرقان القرآن عامّ في الدنيا والآخرة: 

  • فهو في الدنيا فُرقان بين الحق والباطل؛ يعرّف بالحقّ، ويبيّن أدلته، وصفات أهله، وآدابهم وأحكامهم وجزاءهم، ويعرّف بالباطل، ويبيّن سبله، ويبيّن بطلانه، ويعرّف بصفات أهله، وعلاماتهم وجزاءهم في الدنيا والآخرة.
  • وهو فرقان للمؤمن المتّقي يكشف له ما يلتبس عليه في أمور دينه ودنياه.
  • وهو فرقان؛ لأنّه يفرق صاحبه بما يرشده به إلى صراط الله المستقيم عن مشابهة المغضوب عليهم والضالين في أعمالهم وأقوالهم وأحوالهم وعاقبتهم؛ فيهدي صاحبه إلى الهدى الأقوم الذي يصلح به شانه، وينال به الكفاية من ربّه، وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة.
  • وهو في الآخرة فرقان مُبين يفرّق بين أتباعه ومخالفيه؛ فيشفع لمن آمن به واتّبع هداه، ويُحاجّ عنه ويظلّه في الموقف العظيم، ويمحل بمن كفر به وخالف هداه واشترى به ثمناً قليلاً!


* الاسم الرابع: «الذِّكر».

  • سمّي بالذِّكر، وذي الذِّكر في مواضع من القرآن، منها قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9].
  • وسمّاه بذي الذِّكر في قوله تعالى: {ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ}[ص:1].
  • ونسبه تعالى إليه نسبة تشريف وتعظيم فقال: {...بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ... الآية}[ص:8].

 

* وللذكر هنا معنيان:

- أحدهما: بمعنى التذكير.

- والآخر: بمعنى المذكور.

 

* فأما المعنى الأول:

  • فهو من أعظم مقاصد إنزاله كما قال الله تعالى: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}[طه:1-3].
  • فسمّي بالذِّكر على هذا المعنى لكثرة تذكيره وحُسنِه.
  • فهو يذكّر العبد بربّه جلّ وعلا.
  • ويذكّره بسبيل سعادته وفوزه برضوان ربّه تعالى وعظيم فضله وثوابه.
  • ويذكّره بما يجب عليه أن يتجنّبه ليتّقي سخطه وعقابه.
  • ويذكّره بما ينفعه في دنياه وآخرته من أنواع الذِكرى الكثيرة والمتنوّعة والمُحكَمَة.

  • وصف الله تذكير القرآن بالإحكام والدلالة على الحِكمة؛ كما قال الله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ}[آل عمران:58].
  • فهو ذِكْرٌ حكيمٌ مَن اتّبعه هداه إلى الصراط المستقيم؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}[يس:11].
  • ومن أعرض عنه فقد خسر وغُبن، إذ فاته الفضل العظيم والثواب الكريم، وباء بالخسران والحرمان، والذلّ والهوان، والعذاب الأليم والخزي العظيم؛ كما بيّن الله ذلك بقوله: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}[الفرقان:27-29].

* وأما المعنى الثاني:

  • الذِّكر بمعنى المذكور أي الذي له الذِّكر الحسن، والشرف الرفيع، والمكانة العالية.
  • قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف:44]، وقال تعالى: {ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ}[ص:1].
  • قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما: ذي الشَّرَف.
  • ومن آثار هذا المعنى أن القرآن يرفع أصحابه ويجعل لهم ذكرًا؛ فإنّ تشرّفهم به ورفعتهم به أثر من آثار شرفه هو ورفعته!!

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل القرآن العظيم لنا إمامًا ونورًا وهُدىً ورحمة، ويُذكرنا منه ما نسينا، ويعلمنا منه ما جهلنا، ويرزُقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النَّهار على الوجه الذي يرضيه عنّا، ويجعله الله شفيعًا لنا يوم الدِّين، ونورًا  لنا على الصراط، وأن ينور به قبورنا.

اللهم آمين.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.





هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع