الأربعون الرمضانية من أحاديث خير البرية .. الحديث الخامس عشر
"مَن أكَل أوشَرِب ناسِيًا فَليُتِمّ صومُه"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..
أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، شَهرُ رَمضانَ مِن مَواسمِ الخيرِ الَّتي تَحمِلُ النَّفحاتِ الَّتي أُمِرْنا أنْ نَتعرَّضَ لها ونَنْهَلَ مِن خيرِها، ومع حديث جديد من أحاديث الأربعون الرمضانية، والحديث الخامس عشر "مَن أكَل أوشَرِب ناسِيًا فَليُتِمّ صومُه"؛ لنتعرف على شرح هذا الحديث، وبيان ما فيه من أحكام وفوائد.
أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخَير واليُمن والبَركات.
* الحديث الخامس عشر: "مَن أكَل أوشَرِب ناسِيًا فَليُتِمّ صومُه".
عَن أَبِي هُرَيرَةَ
رَضِيَ الله عَنهُ قَال: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن نَسِيَ
وَهُوَ صَائِم ٌفَأكَلَ أو شَرِب، فَليُتِمَّ صَومَهُ، فإنَّما أطعَمَهُ الله
وسَقاهُ" رَواهُ البُخَاريّ ومُسلِم.
* شرح الحديث الخامس عشر.
- بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فِي هَذَا الحَدِيث بَعض الأحكَام لِمَن أكَل أو شرِب ناسيًا وهو صائمٌ وهي:
- - أنَّ مَن أكَل أو شرِب ناسيًا وهو صائمٌ فإنَّه يَبْقَى على صيامِه، وعليه أن يُتِمَّ صومَه.
- - ثُمَّ بيَّن أنَّه لا يَلزَمُه القَضاءُ بقوله: «فإنَّما أَطعَمه الله وسَقاه»، فنَسَب الفِعلَ للهِ تعالى لا للنَّاسِي.
- في الحديث: لُطفُ اللهِ تعالى بعِبادِه، والتيسيرُ عليهم، ورفْعُ المشقَّةِ والحرَجِ عنهم.
* فوائد من الحديث الخامس عشر.
- أنَّ الصيامَ يَفسُد بإيصالُ الطَّعام أو الشَّراب إلى الجَوف بِطريقَتين:
- - الأول: الأكل أو الشرب؛ لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، ويدخل في حكمهما إدخالُ الشَّراب أو الطَّعام عن طريق الأنف؛ لأنه مدخل للجوف.
- - الثاني: ما كان بِمعنى الأكل والشُّرب مثل: الإبر المغذِّية، أو حُقَن الدَّم؛ كَأن يُصاب بَنزيف فيُحقَن بالدَّم، ومَن عِندَهُ غَسيل كُلى، فَكُلُ ذَلِكَ يُفَطِّر.
- لا يُفطِر الصَّائم بِشيءٍ مِنَ المُفطِرات إلا إذا تَوافَرت ثَلاثَة شُروط:
- - الأول: أن يكون عَالمًا، فإن كان جاهلًا لم يفطر؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:5].
- - الثاني: أن يكون ذَاكرًا، فإن كان ناسيًا، فصِيامُه صَحيح ولا قَضاءَ عَليه.
- - الثالث: أن يكون مُختارًا لا مُكرَهًا بأن يتناول المفطِّر باختِيَارِه.
- لا يفطر الصَّائِم بالإبَر المُسَّكِّنة، وإبَر المُضادَّاتِ الحَيوِيَة، وإبَر الأنسُولين؛ لأنَّها غَير مُغذِّية، ولا باستِعمَال بَخاخ الرَّبو، واستِعمَال الأكسجين أو البخار للمرْضى.
- لا يفطر الصَّائِم أيضًا بِشَم الرَّوائِح الطَّيبة؛ كالبخور؛ لأنه ليس للرائحة جِرم يدخل إلى الجوف، ولم يأتِ دليل شرعيٌّ يمنع الصائم من ذلك، والأحوط تجنُّبه.
- بَيان فَضل الله ومِنّتِه وكَرمِه أن عَفا لِهَذِه الأمَّة عَن الخَطأ والنِّسيان، كما في قوله –عليه الصلاة والسلام–: "إنَّ اللَه تَجَاوَزَ عَن أمَّتِي الخّطأ وَالنِّسيانَ، وَما استُكرِهُوا عَليه" رَوَاهُ ابن مَاجَه .
تقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
 





تعليقات
إرسال تعليق