هَديُ النبي صلى الله عليه وسلم .. الجزء الأول.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
أهلًا بكم متابعي وزوار مدونة -طريقك للجنة- نكمل حديثنا في سلسلة مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد انتهينا من القسم الأول وهو: "شمائل النبي صلى الله عليه وسلم"، ونبدأ بإذن الله في القسم الثاني وهو: "هَديّ النبي صلى الله عليه وسلم".
- أولًا: هَديهُ صلى الله عليه وسلم في اللِّباس والطَّعام والشَّراب.
* أحبُ الألوان إليه صلى الله عليه وسلم.
- كان أحب الألوان إليه صلى الله عليه وسلم البياض، وقال صلى الله عليه وسلم: «إلبِسوا من ثيابِكُمُ البياضَ فإنَّها مِن خيرِ ثيابِكُم، وَكَفِّنوا فيها موتاكم» رواه أبو داوود من حديث عبد الله بن عباس.
* في هذا الحديثِ:
- يُوصي النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِلُبسِ الثيابِ ذاتِ اللَّونِ الأبيضِ في قولِه: "فإنَّها مِن خَيرِ ثِيابِكمْ"، أي مِن أفضلِها وأبرقِها وأنظفِها؛ فإنَّها سُرعانَ ما يُعرفُ اتِّساخُها؛ فيُبادر المسلمُ إلى تَنظيفِها.
- ويأمرُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِتَكفينِ مَوتى المسلِمينَ فيها.
* لباسُهُ صلى الله عليه وسلم.
- ما تيسر من اللِّباس، من الصُّوف تارةً، ومن القُطن تارةً، والكتَّان تارةً، وكان إذا لبس قميصَهُ بدأ بميامِنه.
* وسطيَّتهُ صلى الله عليه وسلم في اللِّباس.
- قال بعض السَّلف: "كانوا يكرهون الشُّهرتين من الثِّياب العالي والمنخفض"، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «من لبس ثوبَ شهرةٍ ألبسَه اللهُ يومَ القيامةِ ثوبًا مثلَه ثم تلهبُ فيه النارُ وفي لفظٍ ثوبَ مذلَّةٍ» رواه أبو داوود.
* وفي الحديثِ:
- وَعيدِ مِن اللهِ لِمَن يَفعَلُ ذلك أن يُلبَسَ ثِيابًا يُذَلُّ بها؛ على عَكسِ ما كان يَقصِدُه بِلُبسِه أمامَ النَّاسِ؛ فالجزاءُ مِن جِنسِ العمَلِ.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما كذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مَن جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إلَيْهِ يَومَ القِيامَةِ» رواه البخاري.
* وفي الحديثِ:
- تَوعَّد النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَن جَرَّ ثَوْبَه خُيَلَاءَ، بِأَنَّ الله تعالى لن يَنْظُرَ إليه يومَ القيامةِ؛ لأن اللهَ سبحانه وتعالى هو المتكبِّر، ولا يَحِقُّ لأحدٍ مِن عبادِه أنْ يُنازِعَه صِفَةَ الكِبْرِيَاءِ.
* طَعامِه صلى الله عليه وسلم.
- كان لا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، فما قُرِب إليه شيء من الطيبات إلا أكله، إلا أن تعافيه نفسه فيتركه من غير تحريم، قالت عائشة رضي الله عنها: «ما عَابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إنِ اشْتَهَاهُ أكَلَهُ وإلَّا تَرَكَهُ» رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
* في الحديثِ:
- أنه كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَعيبُ طعامًا أبدًا، وإنَّما كان يَأكُلُه إذا اشتَهاه وأَرادَه، فإذا لم يُحِبُّه تَرَكَه ولم يُعبْه تأدُّبًا مع اللهِ تعالى في عَدَمِ إبداءِ الكَراهةِ لرِزقِه.
- بيان أن الطَّعامُ والشَّرابُ مِن رِزقِ الله تَعالى الَّذي منَّ به علينا، فإذا عابَ المرءُ ما كَرِهَه منَ الطَّعامِ، فإنَّه قد رَدَّ على اللهِ رِزقَه، ونِعَمُ اللهِ تعالى لا تُعابُ، وإنَّما يَجِبُ الشُّكرُ عليها، والحمدُ للهِ لأَجْلِها.
* صِفَةُ أكلِه صلى الله عليه وسلم.
- كان مُعظم مَطعَمِه يوضَع على الأرض في السُّفرة.
- وكان يأكُلُ بأصابِعهِ الثَّلاث.
- وكان لا يأكُلُ مُتَّكئًا.
- وكان يُسمِّي الله تعالى على أوَّل طعامِهِ، ويحمَدهُ في آخِرهِ.
- وكان إذا فَرَغَ مِن طعامِه لَعِقَ أصابِعَه.
* مَشرَبُهُ صلى الله عليه وسلم.
- كان أكثرُ شُربِه صلى الله عليه وسلم قاعدًا، بل زَجرَ عن الشُّرب قائمًا، وجَوازُهُ لعُذرٍ يَمنعُ مِن القُعود.
- كان إذا شَرِبَ ناوَل مَن على يَمينِه، وإن كان على يَسارِهِ أكبرَ مِنه.
- ثانيًا: هَديُهُ صلى الله عليه وسلم في النكاح والمُعاشرة.
- قال صلى الله عليه وسلم من حديث أنس ابن مالك: «حُبِّبَ إلي منَ الدُّنيا، النساءُ، والطِّيبُ، وجُعِلَ قرةُ عيني في الصلاةِ».
* وفي الحديثِ:
- أن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان أعبَدَ النَّاسِ وأتْقاهم للهِ عزَّ وجلَّ؛ فلم يكُنْ يُحِبُّ مِن الدُّنيا إلَّا الطَّيِّبَ، فأحَبَّ أزواجَه، وأحَبَّ الرَّوائحَ الطَّيِّبةَ؛ مِن مِسْكٍ وغيرِه، وحَثَّ عليه ورغَّبَ فيه.
- الحَثُّ على التَّطيُّبِ بالرَّوائحِ الطَّيِّبةِ.
- بَيانُ عِظَمِ قَدْرِ الصَّلاةِ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأنَّها يَنبغي أنْ تكونَ الأَوْلَى عندَ كلِّ مسلِمٍ.
- بيانٌ محبَّة النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للصلاة؛ وذلكَ لِما فيها مِن القُرْبِ مِن المولَى عزَّ وجلَّ؛ فلا شيءَ يُسعِدُه ويُدخِلُ عليه السُّرورَ بمِثْلِ ما تُدخِلُ عليه الصَّلاةُ؛ فقُرَّةُ العينِ يُعبَّرُ بها عنِ المَسرَّةِ ورؤيةِ ما يُحِبُّه الإنسانُ.
- وكان صلى الله عليه وسلم يُقسم بين نسائِه في المَبيت، والإيواء، والنَّفقه.
- قالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ سَفَرًا أقْرَعَ بَينَ نِسائِه، فأيَّتُهنَّ ما خرَجَ سَهمُها خرَجَ بها» رواه البخاري ومسلم.
- وكانت سِيرتُهُ مَع أزواجِه حُسنُ المُعاشرة، وحُسنُ الخُلق.
- وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة رضي الله عنها بَناتَ الأنصارِ يَلعَبنَ مَعَها، وكانَ إذا هَويَت شيئًا لا محذُور فيه تابَعَها عَليه.
- وكانَ يَتَّكئُ في حِجرِها ويقرأُ القُرآن، ورُبَّما كانت حائِضًا.
- وكانَ يأمُرُها وهِيَ حائِضٌ فتتَّزِر ثم يُباشِرُها.
- وكان يُقَبِّلُها وهو صائمٌ.
- وكان مِن لُطفِه وحُسن خُلقِه مع أهله أنهُ يُمكِّنُها مِنَ اللَّعِب، وسابقها في السَّفرِ على الأقدام مَرَّتين، وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة.
- وكان إذا سافر وقَدِم لم يطرُق أهلهُ لَيلًا، وكان ينهَى عن ذلك.
- ثالثًا: هَديهُ صلى الله عليه وسلم في النَّوم والانتِباه.
- كان صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه للنَّوم قال: «باسْمِكَ اللَّهُمَّ أمُوتُ وأَحْيَا»، وكان إذا انتبه من نومه قال: «الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ »، رواه البخاري من حديث حذيفة بن اليمان، ثم يتسَّوك.
* في الحديثِ:
- كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَذكُر الله تعالى على كلِّ أحوالِه، وكان يَبْدَأُ يومَه بذِكر الله تعالى، ويُنهِي يومَه بذِكر الله تعالى، فيَقُول قبلَ نومِه: «بِاسْمِكَ اللهمَّ أَمُوتُ وأَحْيَا»، وإذا استَيْقَظ قال: «الحمدُ لله الذي أَحْيَانا بعد ما أماتَنا، وإليه النُّشُورُ».
- بيان أنَّ النومَ من الموت، وأن اللهُ تعالى يَرُدُّ رُوحَ النائمِ عليه عندَ استِيقَاظِه، ولذلك كان هذا الذِّكر بحَمِد الله تعالى على ردِّه رُوحَه إليه عند يَقَظَتِه.
- بيان قدرة الله تعالى على الإِحياءُ للبَعْث، وإلى الله تعالى المَرْجِعُ في نَيْلِ الثوابِ مِمَّا نَكتَسِبه في حياتِنا.
- قالت عائشة رضي الله عنها: «أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: "قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ، وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ"، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ» رواه البخاري.
* في الحديثِ:
- أنَّ في قِراءةِ هذه السُّوَرِ الثَّلاثةِ قَبلَ النَّومِ صِيانةً للإنسانِ وحفظًا له مِن المكارِه.
- وقالت حفصة رضي الله عنها: «أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، كان إذا أراد أن يَرْقُدَ وضع يدَه اليمنى تحتَ خَدِّهِ ثم يقول : اللهم قِنِي عذابَك يوم تبعثُ عبادَك - ثلاثَ مِرارٍ» رواه أبو داوود.
* في الحديثِ:
- بيانُ بَعضِ هَدْيِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عندَ النومِ.
- وكان ينام صلى الله عليه وسلم أول الليل ويقوم آخره، وربما سهر آخره في مصالح المسلمين.
- كان صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه.
- كان صلى الله عيله وسلم إذا نام لا يوقظوه حتى يستيقظ من نومه.
- كان نومه صلى الله عليه وسلم أعدل النوم.
تعليقات
إرسال تعليق