بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله
وصحبه أجمعين، وبعد ..
- إن ذكر المسلم لله تعالى يجعله في تنبيه دائم، ولا يجعله من الغافلين؛ لأنه يرى في كل ما حوله وما رزقه الله إياه آيات تعرفه به سبحانه، فيكون دائم الذكر والشكر لله تعالى.
- وقد علمنا نبينا الكريم أذكارًا نرددها حين نقبل على طعامنا وشرابنا، فهناك أذكار وأدعية تُقال قبل الطعام والشراب وبعده.
وهذا واجب على كل مسلم أن يتعلم هذه الأذكار
والأدعية، ويعمل بها ليسير على هدي نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
* أذكار قبل الطعام.
- إنَّ من السُّنَّة للمسلم أن يقول عند بدء طعامه وشرابه "بسم الله"؛ ليُحفَظَ ويُوقى، وليُبارَك له في طعامه وشرابه.
- روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عمر بن أبي سلمة رضي الله رضي الله عنهما قال: "كُنْتُ غُلاَماً فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ"
* ما يفعله المسلم إن نسي التسمية قبل الطعام؟
- والمسلمَ إن نسيَ التسميةَ في أوَّل طعامه يُشرَعُ له أن يقول في أثنائه إذا ذكر "بسم الله أوَّلَه وآخرَه".
- روى أبو داود وابن ماجه وغيرُهما عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ".
- وقد أفاد هذا الحديثُ أنَّ محلَّ التسمية قبل البدء بالطعام، فإنَّ نسيها المسلمُ في هذا الموضع أجزأه أن يأتي بالتسمية في أثنائه بهذه الصيغة المذكورة في الحديث.
- وقد جاء في حديث في إسناده ضعفٌ أنَّ الشيطان يستقيء ما في بطنه إذا أتى المسلمُ بهذه التسمية.
- روى أبو داود والنسائي عن أميَّة بن مخْشيٍّ رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ورجلٌ يأكل، فلَم يُسمِّ حتى لَم يبقَ من طعامه إلاَّ لُقمةً، فلمَّا رفعها إلى فيه قال: بسم الله أوَّلَه وآخرَه، فضحك النَبِيّ، ثمَّ قال: ما زال الشيطانُ يأكلُ معه، فلمَّا ذكر اسمَ الله استقاءَ ما في بطنه"، لكنَّ الحديثَ ضعيفٌ، ضعَّفه الحافظ ابن حجر وغيرُه.
- أمَّا التسمية في أثناء الطعام في حقِّ مَن نسيَ بقول"بسم الله أوَّلَه وآخرَه" فهي ثابتةٌ كما في الحديث الذي قبله.
* فوائد التسمية قبل الطعام.
في التسمية على الطعام فوائدُ كثيرةٌ، منها:- أنَّه يُبارَك له في طعامه، ففي سنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن وَحشي بن حرب بن وحشي، عن أبيه، عن جدِّه رضي الله عنه: "أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ"
- طردُ الشيطان وإبعادُه، فلا يتمكَّن من مشاركة الإنسان في طعامه، ففي صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال:"كُنَّا إِذا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَاماً لَمْ نَضَعْ أَيْدِينَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَاماً فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لاَ يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهِ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا".
- وثبت في حديث آخر أنَّ الشيطانَ يقول عندما يترك المسلمُ التسمية عند دخول بيته وعند طعامه: "أدركتم المبيت والعَشاء".
- وفي هذا أنَّ التسميةَ طاردةٌ للشيطان، مانعةٌ له من دخول المنْزل، ومن المشاركةِ في الطعام والشراب، ويكفي المسلمَ أن يقول في هذا الموضع" بسم الله" أمَّا زيادة "الرحمن الرحيم" فلَم يثبت بها حديثٌ عن النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
* أذكار بعد الطعام.
- على المسلم أن يَحمدَ الله عزَّ وجلَّ إذا فرغ من طعامه وشربه، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يرضى عن عبده إذا فعل ذلك.
- روى مسلمٌ في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا".
* صيغ الحمد بعد الطعام.
جاء في السُّنَّة صيَغٌ عديدة للحمد بعد الطعام، فإن تمكَّن المسلمُ من حفظها والإتيان بها هذا مرَّة وهذا مرَّة، فهو لا شكَّ أكملُ في حقِّه وأبلغُ في متابعته لنبيِّه صلى الله عليه وسلم.وإن لَم يتمكَّن من ذلك فلا يَدَع أن يقول عقِب طعامه: "الحمد لله"، فهي كلمةٌ عظيمةٌ مبارَكةٌ حبيبةٌ إلى الله عزَّ وجلَّ، ومن الصِيَغ الثابتة في الحمد بعد الطعام منها:
- ما رواه أبو داود والترمذي عن معاذ بن أنس رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَكَلَ طَعَاماً ثُمَّ قَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"
- ما رواه البخاري عن أبي أمامة رضي الله عنه: "أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: الحَمْدُ للهِ كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا"، ومعنى قوله: "غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ" أي: الحمد، فكأنَّه قال: حمداً كثيراً غير مَكفيٍّ ولا مُودَّع، ولا مُستغنًى عن هذا الحمد.
- ما رواه أحمد وغيرُه عن عبد الرحمن بن جُبير أنَّه حدَّثه رجلٌ خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، أنَّه كان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قُرِّب إليه الطعامُ يقول: "بسم الله"، وإذا فرغ قال: "اللَّهمَّ أطعمتَ وأسقيتَ، وأغنيتَ وأقنيتَ، وهَديتَ وأحييتَ، فلكَ الحمد على ما أعطيتَ".
* ما يقوله المسلم عند إفطاره بعد الصيام.
* أدعية يقولها المسلم لمن ضيفه أو قدم له طعامًا.
جاءت السُّنَّة بأنواع من الأدعية يُدعى بها لأهل الطعام، فيُستحبُّ للمسلم أن يحفظَ ما تيسَّر له من ذلك، وأن يقوله لِمَن ضيَّفه أو قدَّم له طعاماً، ومن هذه الأدعية:- ما رواه مسلم في صحيحه عن المقداد رضي الله عنه قال: "أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي، وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مَنَ الجَهْدِ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ... "، فَذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِهِ، وفيه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي".
- ما رواه مسلم أيضاً عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه قال: "نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي، قَالَ: فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاماً وَوَطْبَةً [أي حيساً، وهو مكوَّن من التمر والأَقِط والسَّمن]، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبِعَيْهِ وَيَجْمَعُ السَّبَابَةَ وَالوُسْطَى، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ: ادْعُ اللهَ لَنَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمهُمْ".
- ما رواه أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سَعْدِ بنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ"
تعليقات
إرسال تعليق