العَهد المَكيّ من سِيرَةُ النَّبي صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم
*
أذيَّة المُشركين للنَّبيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
لمَّا رَأى المشركون صِدق دَعوة النَّبيّ واجتماع النَّاس حوله آذوهم أشدَّ الإيذاء، ومن صور
أذيَّتهم لهم:
- - إشاعتهم عنه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّه ساحرٌ لينفُر النَّاس منه ويخافوه.
- - إشاعتهم عنه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّه مجنونٌ ليسفِّهه الناس.
- - إشاعتهم عنه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنَّه كاذب، ويُدحِض ذلك أنَّه كان قد عُرِف بينهم بالأمين لصدقه وأمانته.
- - السُّخرية به صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وبما جاء به.
- - إثارة الشَّغب والضَّوضاء إذا جاء النَّبيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ليدعو النَّاس؛ ليصدُّوهم عن استماع الوحي وما يأتي به من الحقِّ.
- - استقبال من أتى من خارج مكَّة للعمرة أو الحجِّ أو غيرهما وتحذيره مِنَ النَّبيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
- - أذيَّته في جسده صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كما فعل عقبة بن أبي مُعيط إذ جذبه مرَّةً من ثوبه حتَّى كاد يخنقه حتَّى ردَّه عنه أبو بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وألقى عليه سلا جزورٍ حتَّى رفعته عنه ابنته فاطمة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
- - محاولة قتله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إذ عرضوا على عمِّه أبي طالب أن يبدلوه إيَّاه بعمارة بن الوليد ويقتلوه، وأرادوا قتله كذلك عند إرادته صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الهجرة.
- - تعذيب من استضعفوه من المؤمنين وشدَّة أذيَّتهم، كما كانوا يضعون الحَجَرعلى بطن بلالٍ، وكما فعلوا بآل عمَّار بن یاسرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وغيرهم.
* الهجرة إلى الحبشة.
لمَّا كثُر المسلمون وخاف منهم الكُفَّار اشتدَّ أذاهم له صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وفتنتهم إيَّاهم، فأذن لهم رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الهجرة إلى الحبشة، وقال صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ بِهَا مَلِكًا لاَ يُظلَمُ النَّاسُ عِنْدَهُ".
- الهجرة
الأولى إلى الحبشة.
هاجر فيها اثنا
عشر رجلًا وأربع نسوةٍ، منهم عثمان بن عفان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وهو أوَّل من
خرج، ومعه زوجته رُقيَّة بنت رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ،
فأقاموا في الحبشة في أحسن جوارٍ، ثمَّ بلغهم أنَّ قريشًا أسلمت، وكان هذا الخبر
كذبًا، فرجعوا إلى مكَّة، فلمَّا بلغهم أنَّ الأمر أشدُّ ممَّا كان، رجع منهم من
رجع، ودخل جماعةٌ فلقوا من قريشٍ أذًى شديدًا، وكان ممَّن دخل عبد الله بن مسعود رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
- الهجرة الثانية إلى
الحبشة.
خرج فيها ثلاثةٌ
وثمانون رجلًا وثماني عشرة امرأةً، فأقاموا عند النَّجاشيِّ على أحسن حالٍ، فبلغ
ذلك قريشًا، فأرسلوا عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي ربيعة في جماعة ليكيدوهم عند
النَّجاشيِّ، فرَدَّ الله كيدَهُم في نُحورِهِم.
* إسلام حمزة وعُمر.
في السَّنة السَّادسة
من البعثة أسلم حمزة بن عبد المُطَّلب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وكان يُسمَّى أعزَّ
قريشٍ، فعزَّ به رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، ثمِّ أسلم عمر
بن الخطَّاب ببركة دعاء النَّبيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ،
فتقوَّى المؤمنون بهما وامتنعوا من قريش.
* شِعب أبي طَالب.
اشْتَدَّ أذَى قريشٍ
لرَسُولِ الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَحَصَرُوهُ وأَهْلِ
بَيْتِهِ في شِعْبِ أبِي طَالِب ثَلاثَ سِنِينَ، وَفِي الشِعْب وُلِدَ عَبْدُ اللهِ
بنُ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَنَالَ الكُفَّارُ مِنْهُ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
أذًى شديدًا، وخَرَجَ مِنَ الحَصرِ ولهُ تِسعٌ وَأَرْبعُونَ سَنةً.
* وفاة أبي طَالبٍ وخَديجَة.
وَبعدَ ذَلِكَ بِأشهُرٍ
مَاتَ عَمُّهُ أبُو طَالبٍ وَلَهُ سَبعٌ وثمانُونَ سَنةً، ثُمَّ مَاتَت خديجة رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا بعد ذلك بِيَسِير، فاشْتَدَّ أذَى الكُفَّار لَهُ.
* خروجه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
إلى الطَّائف.
خرج صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
إلى الطَّائف هو وزَيدُ بنُ حَارِثَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يدعُوا إلى الله تعالى،
وأقامَ بها أيَّامًا فلم يُجِيبُوه، وآذَوهُ وأخرَجُوهُ، وَرَجَموهُ بالحِجارة حتى
أدْمَوْا كَعْبَيْهِ، فانصَرَفَ عَنهُم رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا
إلى مكَّة، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ فِي جِوارِ المُطْعِم بن عَدِيَّ.
* إسلام عَدَّاس.
في طريق رجوعه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
لَقِيَ عَدَّاسًا النَّصرانِيَّ فآمَنَ بِهِ وصَدَّقَهُ.
* إيمان الجنَّ.
وفي طريقه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
أيضًا بِموَضِع يُقَالُ له نَخلةُ صُرِف إليهِ نَفرٌ من الجِنَّ، سبعةٌ من أهل نَصِيبينَ،
فاسْتَمَعُوا القرآن وأسلَموا.
* الإسراء والمعراج.
ثُمَّ أُسْرِيَ بِروحِه
صَلَى
اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَجَسَدِهِ إلَى المَسْجِدِ الأَقصَى، ثُمَّ
عُرِجَ بِهِ إلى فوق السَّماوات بِجَسَدِهِ ورُوحِه إلى الله عزوجل، فخَاطَبَهُ وَفَرَضَ
عليهِ الصَّلَوَات.
* عرضه صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
الإسلام على القبائل.
أقَامَ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
بِمَكَّةَ مَا أقامَ يَدعُو القَبائِلَ إلى اللهِ تَعَالَى، ويُعرِضُ نَفْسَهُ عَلَيهِم
في كُلِّ موسِم أن يُؤوُوهُ حتَّى يُبَلِّغ رِسالَة ربِّه وَلَهُم الجنَّةُ، فَلَم
يَستجِب لهُ قبيلةٌ، وادَّخرَ الله ذَلِكَ كَرَامَةً لِلأنصَارِ، فانتهَى إلى نفرٍ
منهُم ستةٍ، فاستجابوا لله ورَسُولِه، ورَجعُوا إلى المَدينة، فدَعَوْا قَومَهُم
إلى الإسلام حتى فَشَا فيهم، ولم يبقَ دارٌ مِن دُورِ الأنصارِ إلا وفيها ذِكرٌ من
رَسُولُ الله صَلَى
اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
* الأنصار رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وبيعة العقبة.
- البيعة الأولى.
ثُمَّ قَدِمَ مكَّة
فِي العَامِ القابِل اثنَا عَشَر رَجُلًا مِنَ الأنصَار، مِنهُم خمسَةٌ مِنَ السِتةِ
الأوَلين، فبَايَعُوا رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
على بيعة النِّساءِ الواردة في سُورة المُمتَحِنَةِ عِندَ العَقَبَة، ثُمَّ انصرفوا
إلى المَدينة.
- البيعة الثانية.
فَقَدِمَ عَليهِ فِي
العَامِ القَابِل مِنهُم ثَلاثَهٌ وَسبعُونَ رَجُلًا وامرَأتان، وَهُم أهلُ العَقَبةِ
الأخيرة، فَبَايَعُوا رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
عَلَى أن يَمنَعُوهُ مِمَّا يَمنَعُونَ مِنهُ نِسَاءَهُم وَأبْنَاءَهُم وَأنفُسَهُم،
فَتَرحَّل هو وأصحابُهُ إليهم، واختار رَسُولُ الله صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ
مِنهُم اثنَي عَشَرَ نَقِيبًا.
تعليقات
إرسال تعليق