كيفية معايشة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لشهر رمضان في بدايته
"كان النَّبيّ يكثر من الصيام في شعبان"
بمناسبة قدوم شهر رمضان المُبارك؛ إخترنا لكم سلسلة: "رمضان كما عاشه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم"؛ وهي من جمع وإعداد:
مؤيَّد عبد الفتَّاح حمدان.
وفي هذه السلسة سنقدم لكم الدليل العملي لهديّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في الصِّيام، ففيها الجواب الشافي لمن سأل عن كيفية معايشة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لرمضان.
ونبدأ بحول الله وقوته في الحديث عن كيفية معايشة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم لشهر رمضان في بدايته.
* كان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يعایش رمضان قبل دخوله بالإكثار من صيام شعبان.
- فعن عائشة أمِّ المؤمنين رضي الله عنها أنَّها قالت: «ما رأيت رسول الله: استكمل صيام شهرٍ قطُّ إلَّا رمضان، وما رأيته في شهرٍ أكثر منه صيامًا في شعبان» رواه مسلم
- وعن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشُّهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذلك شهرٌ يغفل النَّاس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين؛ فأحبُّ أن يرفع عملي وأنا صائمٌ» رواه النسائي، وحسنه الألباني.
* فوائد صيام شهر شعبان.
- الفائدة الأولى: أنَّ أعمال العبد السَّنوية تُعرض على الله في هذا الشَّهر، فأحب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أن ترفع أعماله إلى الله تعالى وهو صائم.
- الفائدة الثانية: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تعظيمًا لرمضان، وهذا الصَّوم يُشبه سنَّة فرض الصَّلاة قبلها تعظيمًا لحقها.[تهذيب السنن].
- الفائدة الثالثة: وهي توطين النَّفس وتهيئتها للصِّيام؛ لتكون مستعدَّةً لصيام رمضان، سهلًا عليها أداؤه.[فتاوی أركان الإسلام].
- الفائدة الرابعة: وهي فائدة نفيسة جدًا ذكرها الحافظ ابن رجب رحمه الله إذ يقول: "في هذا دليل -أي قوله صلى الله عليه وسلم: «ذلك شهرٌ يغفل النَّاس عنه بين رجب ورمضان»- على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوبٌ لله عزَّوجلَّ، كما كان طائفة من السَّلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون: هي ساعة غفلة، ولما خرج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم ينتظرونه لصلاة العشاء قال لهم: «ما ينتظرها أحدٌ من أهل الأرض غيركم». رواه البخاري ومسلم.
- وفي هذا إشارة إلى فضيلة التَّفرُّد بذكر الله في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر له.
* فضيلة التفرد بذكر الله في أوقات الغفلة.
- ولهذا ورد في فضل الذِّكر في الأسواق ما ورد من الحديث المرفوع والآثار الموقوفة، حتى قال أبو صالح: "إنَّ الله ليضحك ممَّن يذكره في السُّوق"؛ وسبب ذلك أنه ذكرٌ في موطن الغفلة بين أهل الغفلة.
- وفي حديث أبي ذرٍّ المرفوع : «ثلاثةٌ يحبهم الله، وثلاثةٌ يبغضهم الله، أمَّا الثَّلاثة الذين يحبُّهم الله عز وجل: فرجلٌ أتى قومًا فسألهم بالله، ولم يسألهم بقرابةٍ بينهم فمنعوه، فتخلَّف رجلٌ بأعقابهم فأعطاه سرًّا، لا يعلم بعطيَّته إلا الله والذي أعطاه، وقومٌ ساروا ليلتهم حتَّى إذا كان النَّوم أحبَّ إليهم ممَّا يعدل به نزلوا فوضعوا رؤوسهم، فقام يتملَّقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سريَّةٍ فلقوا العدوَّ فهزموا، فأقبل بصدره حتى يُقتل أو يَفتح الله له، والثلاثة الذين يبغضهم الله: الشيخ الزَّاني، والفقير المختال، والغني الظلوم» رواه أحمد في مسنده.
- فهؤلاء الثلاثة انفردوا عن رفقتهم بمعاملة الله سرًّا بينهم وبينه فأحبَّهم الله، فكذلك من يذكر الله في غفلة النَّاس أو من يصوم في أيام غفلة الناس عن الصيام. [کتاب لطائف المعارف] بتصرف.
* حال السلف في شعبان:
- لما كان شعبان کالمقدَّمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصِّيام وقراءة القرآن؛ ليحصل التَّأهُّب والاستعداد لرمضان.
- - قال سلمة بن کھیلٍ: "كان يقال: شهر شعبان شهر القرَّاء".
- - وقال الحسن بن سهلٍ: "قال شعبان: یا ربِّ، جعلتني بين شهرين عظيمين، فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن" [لطائف المعارف].
- - وكان عمرو بن قيسٍ إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرَّغ لقراءة القرآن .
اللهم بلغنا رمضان واجعلنا فيه من المقبولين الفائزين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
تعليقات
إرسال تعليق