فضل المسجد النبوي وتوسعته .. والروضة الشريفة
للشيخ الدكتور عَبْد المُحْسِن بِنْ مَحَمَّد القَاسِم
بسم الله الحمن الرحيمالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:
* فَضْلُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ.
خَصَّ اللهُ المَسْجِدَ النَّبَوِيَّ بِعِدَّةِ فَضَائِلَ مِنْهَا:
١ - أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي بَنَاهُ، فَهُوَ أَحَدُ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَنَاهَا أَنْبِيَاءُ اللَّهِ، فَالمَسْجِدُ الحَرَامُ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيهِ وَسَلم، وَالمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ بَنَاهُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٌ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم، وَالمَسْجِدُ الأقْصَى قِيلَ: بَنَاهُ آدَمُ عَلَيهِ وَسَلم.
٢ - أَنَّهُ آخِرُ مَسْجِدٍ بَنَاهُ نَبِيٌّ؛ فَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم بَنَى الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ وَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، فَلَنْ يُوجَدَ مَسْجِدٌ بَعْدَهُ يَبْنِيهِ نَبِيُّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: «فَإِنِّي آخِرُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ مَسْجِدِي آخِرُ المَسَاجِد» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
٣ - أَنَّ مَسْجِدَهُ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، قَالَ أَبُو سَعِيدِ الخُدْرِيُّ رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ المَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفْاً مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: «هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا -لِمَسْجِدِ المَدِينَة-» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
٤ - أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» متفقٌ عَلَيْهِ.
ه - أَنَّهُ أَحَدُ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يُشْرَعُ شَدُّ الرَّحْلِ إِلَيْهَا.
* بِنَاءُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَتَوْسِعَتُهُ عَلَى مَرَّ التَّاريخ.
- التَّوْسِعَةُ الأُولَى: وَسَّعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ سَبْعِ مِنَ الهِجْرَةِ (هـ)، بَعْدَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَأَصْبَحَتْ مَسَاحَتُهُ ٤٦ × ٤٦م.
- التَّوْسِعَةُ الثَّانِيَةُ: وَسَعَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطاب سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الهِجْرَةِ (١٧هـ) مِنَ الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ وَالجَنُوبِيَّةِ ، وَأَصْبَحَتْ مَسَاحَتُهُ ٦٥ م + ٥٥م .
- التَّوْسِعَةُ الثَّالِثَةُ: وَسَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ له سَنَةَ تِسْع وَعِشْرِينَ مِنَ الهِجْرَةِ (٢٩هـ) مِنَ الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ وَالجَنُوبيَّةِ وَالشِّمَالِيَّةِ، وَأَصْبَحَتْ مَسَاحَتُهُ ٧٤ × ٦٩م.
- التَّوْسِعَةُ الرَّابِعَةُ: فِي عَهْدِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَيْهِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ مِنَ الهِجْرَةِ (۸۸هـ)، وَشَعَهُ مِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ وَالشِّمَالِ، وَأَدْخَلَ الحُجُرَاتِ فِي المَسْجِدِ، وَأَصْبَحَتْ مَسَاحَةُ المَسْجِدِ ۹۳ × ۹۳م.
- التَّوْسِعَةُ الخَامِسَةُ: فِي عَهْدِ المَهْدِي بْنِ المَنْصُور لله سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (١٦٢هـ)، وَسَّعَهُ مِنَ الشِّمَالِ ٢٤٥م.
- التَّوْسِعَةُ السَّادِسَةُ: فِي عَهْدِ السُّلْطَانِ قَايِتْبَايِّ المَمْلُوكِي وَاللهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (۸۸۸هـ)، وَسَّعَهُ مِنَ الجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ ۱۲۰م.
- التَّوْسِعَةُ السَّابِعَةُ: فِي عَهْدِ السُّلْطَانِ العُثْمَانِيِّ عَبْدِ المَجِيدِ خَان علته، بَدَأَ فِي تَوْسِعَتِهِ عَامَ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ وَمِئَتَيْنِ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (١٢٦٥هـ)، وَأنْتَهَى عَامَ سَبْعَةٍ وَسَبْعِينَ وَمِئَتَيْنِ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (١٢٧٧هـ)، وَقَدْ هَدَمَ جُزْءاً مِنَ المَسْجِدِ وَأَعَادَ عِمَارَتَهُ، وَأَضَافَ إِلَيْهِ مِنَ الشِّمَالِ مَسَاحَةً قَدْرُهَا ۱۲۹۳م، وَالبِنَايَةُ القَدِيمَةُ فِي الجِهَةِ الجَنُوبِيَّةِ مِنَ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ الآنَ مَعَ زَخَارِفِهَا تَمَّتْ فِي عَصْرِهِ.
- التَّوْسِعَةُ الثَّامِنَةُ: بُدِئَ فِيهَا فِي عَهْدِ المَلِكِ عَبْدِ العَزِيزِ آلِ سُعُودٍ لله فِي ١٣٧٢/٣/١٣هـ، ثُمَّ تُوَفِّيَ رحمه الله في ۱۳۷۳/۳/۲هـ، وَأَتَمَّ تِلْكَ التَّوْسِعَةُ المَلِكُ سُعُودٌ رحمه الله، وَكَانَتْ هَذِهِ التَّوْسِعَةُ لِلْمَسْجِدِ مِنَ الجِهَةِ الشِّمَالِيَّةِ، وَأَنْتَهَتْ هَذِهِ التَّوْسِعَةُ فِي عَهْدِ المَلِكِ سُعُودٍ رحمه لله في ٣/٥/ ١٣٧٥هـ، وَقَدْ بَلَغَتْ مَسَاحَتُهَا ٦٠٢٤م٢.
- التَّوْسِعَةَ التَّاسِعَةُ: فِي عَهْدِ المَلِكِ فَيْصَلِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ آلِ سُعُودٍ رحمه الله عَامَ خَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِ مِئَةٍ وَأَلْفِ مِنَ الهَجْرَةِ (۱۳۹۵هـ)، وَقَدْ أَضَافَ ٣٥,٠٠٠م٢. إِلَى أَرْض المَسْجِدِ فِي الجِهَةِ الغَرْبِيَّةِ مِنْهُ، وَلَمْ تَتَنَاوَلِ التَّوْسِعَةُ المَسْجِدَ نَفْسَهُ؛ بَلْ جَعَلَ تِلْكَ المَسَاحَةَ لِإِقَامَةِ مُصَلَّى كَبِيرٍ، وَوَضَعَ عَلَيْهِ مَظَلَّاتٍ، ثُمَّ أَضَافَ ٥,٥٥٠م٢، وَوَضَعَ عَلَيْهَا مَظَلَّاتٍ أَيْضاً.
- التَّوْسِعَةُ العَاشِرَةُ: فِي عَهْدِ المَلِكِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ آلِ سُعُودٍ وَالله عَامَ سَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِ مِئَةٍ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (۱۳۹۷هـ)، أَضَافَ ٤٣,٠٠٠م٢ فِي الجِهَةِ الجَنُوبِيَّةِ الغَرْبِيَّةِ إِلَى أَرْضِ المَسْجِدِ الخَارِجِيَّةِ، وَلَمْ تَتَنَاوَلِ التَّوْسِعَةُ المَسْجِدَ نَفْسَهُ؛ بَلْ وَضَعَ عَلَيْهَا مَظَلَّاتٍ، وَخُصْصَ جُزْءٌ مِنْهَا مَوَاقِفُ لِلسَّيَّارَاتِ.
- التَّوْسِعَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فِي عَهْدِ خَادِم الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ المَلِكِ فَهْدِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ آلِ سُعُودٍ لله عَامَ خَمْسَةٍ وَأَرْبَع مِئَةٍ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (١٤٠٥هـ)، وَسَّعَهُ مِنَ الشِّمَالِ، وَالغَرْبِ الشِّمَالِيِّ، وَالشَّرْقِ الشِّمَالِيِّ، وَقَدْ بَلَغَتْ مَسَاحَتُهَا ۸۲,۰۰۰م٢، وَبِهَذَا تَكُونُ مَسَاحَةُ المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ فِي هَذِهِ التَّوْسِعَةِ قَدْ تَضَاعَفَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْس مَرَّاتٍ.
- التَّوْسِعَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: فِي عَهْدِ خَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ المَلِكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ آلِ سُعُودٍ لله، وَقَدْ أَمَرَ فِي عَامٍ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعَ مِئَةٍ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (١٤٣٣هـ) بِتَوْسِعَةٍ كَبِيرَةٍ، وَقَدْ بُدِئَ الْعَمَلُ فِيهَا، ثُمَّ تُوَفِّيَ رحمه الله عَامَ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِ مِئَةٍ وَأَلْفِ مِنَ الهِجْرَةِ (١٤٣٦هـ)، وَأَمَرَ بِإِكْمَالِ العَمَلِ فِيهَا خَادِمُ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ المَلِكُ سَلْمَانُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ آلُ سُعُودٍ حَفِظَهُ اللَّهُ.
وَلَا يَزَالُ العَمَلُ فِيهَا جَارِياً إِلَى اليَوْم.
* الرَّوْضَةُ.
- فِي المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مَكَانٌ وَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم بِأَنَّهُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ فَقَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْنِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: «مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَحُجْرَتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةَِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
- وَبَيَّنَ العُلَمَاءُ مَعْنَى «رَوْضَةٌ مِنْ رِبَاضِ الجَنَّةِ»؛ فَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ رحمه لله: «رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَيْ: كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَازَمَةِ حِلَقِ الذِّكْرِ لَا سِيَّمَا فِي عَهْدِهِ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ». [فتح الباري].
- فَكُلُّ مَكَانٍ فِي الْأَرْضِ فِيهِ حِلَقُ ذِكْرِ ـمِنْ صَلَاةٍ، وَمَوَاعِظَ، أَوْ تَعْلِيمِ عِلْمٍ شَرْعِيّ- فَهُوَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا وَمَا رِيَاضُ الجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرَِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
* المِحْرَابُ.
يُوجَدُ فِي المَسْجِدِ النَّبَوِيِّ ثَلَاثَةُ مَحَارِيبَ:
۱ - مِحْرَابٌ وُضِعَ فِي مَكَانِ إِمَامَةِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم لِلْمُصَلِّينَ: وَهُوَ الَّذِي عَلَى يَسَارِ المِنْبَرِ جِهَةَ الحُجُرَاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم يُصَلِّي فِي هَذَا المَكَانِ أَوْ قَرِيباً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ مِحْرَابِ، إِذِ المَسْجِدُ النَّبَوِيُّ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِحْرَابٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم وَلَا خُلُفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ مِحْرَاباً فِى مُصَلَّى النَّبي صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم هُوَ الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ (۹۱هـ)، ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاؤُهُ عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (۸۸۸هـ) فِي عَهْدِ السُّلْطَانِ فَايِتْبَايْ رحمه اللهِ وَبَقِيَ إلى الآن.
٢ - مِحْرَابٌ عَلَى يَمِينِ المِنْبَرِ: وَقَدْ أُنْشِئَ عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْع مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٩٤٨هـ) فِي عَهْدِ السُّلْطَانِ سُلَيْمَانَ القَانُونِي اللهُ -أَحَدِ سَلَاطِينِ الدَّوْلَةِ العُثْمَانِيَّةِ ..
٣ - المِحْرَابُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الإِمَامُ اليَوْمَ: وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه يُصَلِّي إِمَاماً فِي هَذَا المَكَانِ حِينَمَا وَسَّعَ المَسْجِدَ النَّبَوِيَّ، ثُمَّ أَقَامَ الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ فِي مَوْضِع مُصَلَّى عُثْمَانَ رضي اللهِ عنه مِحْرَاباً سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ مِنَ الهِجْرَةِ (٩١هـ) ، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ رضي الله عنه مَحَارِيبُ، ثُمَّ وَسْعَهُ بِهَذِهِ الصَّفَةِ الحَالِيَّةِ السُّلْطَانُ فَابِتْبَايَ الله عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَاللهِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهَجْرَةِ (۸۸۸هـ) [الدرر الثمينة].
* المِنْبَرُ.
* أَوَّلاً: تَارِيخُهُ: مَرَّ المِنْبَرُ عَبْرَ التَّارِيخِ بِعِدَّةِ مَرَاحِلَ، وَهِيَ:
١ - أَوَّلَ مَا بَنَى النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم مَسْجِدَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ يَخْطُبُ النَّاسَ عَلَيْهِ؛ بَلْ كَانَ يَخْطُبُ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى جِذْعِ عِنْدَ مُصَلَّاهُ، ثُمَّ اتَّخَذَ مِنْبَراً لَهُ ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ.
۲ - فِي عَهْدِ مُعَاوِيَةَ بْن أَبي سُفْيَانَ رضي الله عنه، سَنَةَ خَمْسِينَ مِنَ الهِجْرَةِ (٥٠هـ)؛ زَادَ سِتَّ دَرَجَاتٍ، فَأَصْبَحَ تِسْعَ دَرَجَاتٍ وَمَقْعَداً.
۳ – فِي عَامِ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ وَسِتٌ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٦٥٤هـ)، لَمَّا احْتَرَقَ المَسْجِدُ النَّبَوِيُّ احْتَرَقَ مَعَهُ المِنْبَرُ؛ فَأَرْسَلَ المَلِكُ المُظَفَرُ صَاحِبُ اليَمَنِ مِنْبَراً جَدِيداً.
٤ - فِي عَام أَرْبَعَةٍ وَسِتِّينَ وَسِتْ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٦٦٤هـ)؛ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بِيبَرْسُ مِنْبَراً جَدِيداً.
٥ - فِي عَام سَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَسَبْع مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٧٩٧هـ)؛ أَرْسَلَ الظَّاهِرُ بَرْقُوقُ مِنبراً جَدِيداً.
٦ - فِي عَامٍ عِشْرِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٨٢٠هـ)؛ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ المُؤَيَّدُ المَحْمُودِيُّ مِنبراً جَدِيداً .
V- في عام
سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (٨٨٦هـ)، احْتَرَقَ
المَسْجِدُ النَّبَوِيُّ وَاحْتَرَقَ مَعَهُ المِنْبَرُ أَيْضاً ، فَبَنَى أَهْلُ
المَدِينَةِ مِنْبَراً بِالآجُرِّ. [اللبن إذا طُبخ].
۸ - فِي عَام ثَمَانِيَةٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِ مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (۸۸۸هـ)؛ بَنَى السُّلْطَانُ قَايِتْبَاي المَمْلُوكِيُّ اللَّهِ مِنْبَراً مِنَ الرَّحَامِ.
۹ - فِي عَام ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ وَتِسْع مِئَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ (۹۹۸هـ)؛ أَرْسَلَ السُّلْطَانُ مُرَادُ العُثْمَانِيُّ الله المِنْبَرَ المَوْجُودَ الآنَ.
* ثَانِياً : مَا وَرَدَ فِيهِ :
- وَمَعْنَاهُ: أَنَّ مِنْبَرَهُ يُنْصَبُ عَلَى حَوْضِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
- وَقِيلَ: إِنَّ حَوْضَهُ فِي المَحْشَرِ فَوْقَ مَكَانِ مِنْبَرِهِ الَّذِي فِي الْأَرْضِ.
- وَجَاءَ الوَعِيدُ بِأَنَّ مَنْ حَلَفَ عِنْدَهُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ اللَّعْنَةُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينِ كَاذِبَةٍ يَسْتَحِلُّ بِهَا مَالَ أَمْرِيءٍ مُسْلِمٍ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ عَدْلاً وَلَا صَرْفاَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات
إرسال تعليق