بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله
وصحبه أجمعين، وبعد
..
* هل سيَشعر الإنسان بالسَّعادة دون العافية؟
* وهل سيتمتَّع بالمال دون العافية؟
* وهل سيفرَح بالمنصب
والجاه دون العافية؟
الجواب: العافية لا يَعدِلها شيءٌ أبدًا.
- العافيةُ.. أهنأ لِباس
يَلبَسُه الإنسان.
- العافية.. أطيَب طعام
يتذوَّقه الإنسان.
- العافية.. أهدَأ نومَة
يَنامها الإنسان.
لو نظَرنا إلى المنهج النَّبوي الشريف، وجدنا أنه من حين يصبِح وحتى يمسي لا يَفتر لسانُه صلى الله عليه وسلم عن سؤال الله تعالى العافيةَ فيقول صباحًا: ((إذا استيقظ أحدُكم فليقل: الحمد لله الذي رَدَّ عليَّ روحي، وعافاني في جسَدي، وأذِن لي بذِكرِه)).
وفي أذكار الصباح والمساء خلالَ يومه كان يقول صلى الله عليه وسلم: ((اللهمَّ عافِني في بدَني، اللهمَّ عافِني في سَمعي، اللهمَّ عافني في بصري، لا إله إلا أنت))، و((اللهمَّ إنِّي أسألك العفوَ والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي)).
حتى إذا أوى إلى فراشه صلى الله عليه وسلم: ((اللهمَّ أنت خلَقتَ نفسي، وأنت توفَّاها، لك مماتُها ومَحياها، إن أحيَيْتَها فاحفظها، وإن أمَتَّها فاغفِر لها، اللهمَّ إني أسألك العافية)).
إقرأ أيضا
* أكثروا من دعاء: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))
وفي السطور التالية بيان لشرح ومفردات
هذا الدعاء العظيم للشيخ: سعيد بن وهف
القحطاني.
* بيان لمعاني دعاء (اللهم إني أسألك المُعافاة في الدنيا والآخرة).
- المعافاة هي: أن يعافيك اللَّه من الناس، ويعافيهم منك، وأن يُغْنِيك اللَّه عنهم، ويُغْنيهم عنك، ويَصْرف أذاهُم عنك، ويصرف أذَاكَ عنهم.
- وحقيقتها حفظ اللَّه تبارك وتعالى للعبد، عن كل ما يكرهه، ويحزنه، ويسوءه في دينه، ودنياه وآخرته.
* بيان لشرح دعاء (اللهم إني أسألك المُعافاة في الدنيا والآخرة).
- هذه الدعوة المباركة أخبر سيد الأولين والآخرين، أنها أفضل دعوة، فعن أبي هريرة رضى الله عنه أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((ما من دعوة يدعو بها العبد، أفضل من: اللَّهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة)).
- وجاء عن أبي بكر رضى الله عنه أنه خطب الناس على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: قام رسول اللَّه في مقامي هذا عام الأوَّل، ثم بكى أبو بكر رضى الله عنه ثم سُرِّي عنه فقال: سمعت رسول اللَّه يقول: ((إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنَ الْيَقِينِ وَالْمُعَافَاةِ، فَسَلُوهُمَا اللَّهَ عزوجل)) رواه الترمذي.
- قوله: ((والمعافاة في الآخرة)): السلامة، والنجاة من الذنوب وتبعاتها، ومن جملة ذلك من القصاص، والحقوق التي بينك وبين العباد، وبين العباد وبينك، فمن رُزق المعافاة، ضمن دخول منازل وجنان الرحمن.
- فتضمّنت هذه الدعوات المباركة خيري الدنيا والآخرة، فاعتني بها يا عبد اللَّه في دعائك، وأكثر منها في ليلك ونهارك.
* بيان عظم دعاء (اللهم إني أسألك المُعافاة في الدنيا والآخرة).
- دلّت هذه الدعوة على عظم شأنها، وجلالة قدرها، وأنها لا يعدلها شيء، وذلك أن السلامة والحفظ والأمان هي أجلّ المقاصد، والمطالب التي يتشوّف إليها كل العباد؛ فإنه من أُعطي هذا المطلوب، نجا من كل مرهوب، وحصل له كل مطلوب.
- وهذه الدعوة يا عبد اللَّه من جوامع الكلم كما تقدّم؛ لأنه ليس شيء يعمل للآخرة يتلقى إلا باليقين، وهو الإيمان الثابت الراسخ الذي لا ريب فيه ولا شك، وهذا أفضل العمل.
- عن عبد اللَّه بن حبشي الخثعمي رضى الله عنه قال: سُئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان لا شك فيه)) رواه النسائي.
- وعلى قدر الإيمان يكون رفع المنازل في الجنان، فعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ فِي الْغُرْفَةِ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الشَّرْقِيَّ أَوْ الْكَوْكَبَ الْغَرْبِيَّ الْغَارِبَ فِي الْأُفُقِ أوالطَّالِعَ فِي تَفَاضُلِ الدَّرَجَاتِ)) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُولَئِكَ النَّبِيُّونَ؟ قَالَ: ((بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَأَقْوَامٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ)) رواه الترمذي.
- قوله: ((وأقوام آمنوا باللَّه ورسوله، وصدقوا المرسلين)): أي أن هذه الغرف، والمنازل العُلا، ينالها أيضاً أقوام غير الأنبياء المرسلين ((ولم يذكر عملاً، ولا شيئاً سوى الإيمان، والتصديق للمرسلين، وذلك ليعلم أنه عني بالإيمان البالغ، وتصديق المرسلين من غير سؤال، ولا تلجلج، وإلاّ كيف تنال الغرفات بالإيمان والتصديق الذي للعامة، ولو كان كذلك، كان جميع الموحدين في أعلى الغرفات، وأرفع الدرجات، وهذا محال)) التذكرة للقرطبي.
فما أمسَّ حاجتنا إلى التِزام دعاء العافية في
الدِّين والدُّنيا والآخرة؛ أمَّا الدِّين، فيعافيك اللهُ
من الشِّرك والضَّلال، والانحراف والبِدَع والشُّبهات، وأمَّا الدنيا، فمِن هُمومها
وآفاتِها وشقائها، وأمَّا الآخرة، فمِن
فِتنَتِها وعذابها وسَعيرها.
إقرأ أيضا
عافانا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وكتب لنا السلامة والعافية من ذلك كله.
وصلى
الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق