الأربعون الرمضانية من أحاديث خير البرية .. الحديث الثامن عشر
 "ليسَ الصِّيام مِنَ الأكلِ والشُّرب"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..
أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، شَهرُ رَمضانَ مِن مَواسمِ الخيرِ الَّتي تَحمِلُ النَّفحاتِ الَّتي أُمِرْنا أنْ نَتعرَّضَ لها ونَنْهَلَ مِن خيرِها، ومع حديث جديد من أحاديث الأربعون الرمضانية، والحديث الثامن عشر "ليسَ الصِّيام مِنَ الأكلِ والشُّرب"؛ لنتعرف على شرح هذا الحديث، وبيان ما فيه من أحكام وفوائد.
أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخَير واليُمن والبَركات.
* الحديث الثامن عشر: "ليسَ الصِّيام مِنَ الأكلِ والشُّرب".
عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ: "ليس الصِّيامُ مِنَ الأكلِ والشُّربِ، إنّما الصِّيامُ مِنَ اللَّغوِ والرَّفَث، فإن سابَّك أحدٌ أو جَهِل عَليك فقُل: إنِّي صائمٌ، إنِّي صائمٌ لا تُسابِّ وأنتَ صائمٌ، وفي رواية: فإن سابَّك أحدٌ فقُل: إنِّي صائمٌ، وإن كُنتَ قَائمًا فاجْلِس" رَواهُ ابن خُزيمة، وابن حِبان، والحاكِم.
* شرح الحديث الثامن عشر.
- شَرَعَ اللهُ تعالى الصَّوم لِحِكم جليلة منها: تَهذيبُ النَّفس عَلى مَحاسِن الأخلاق.
- ليس الصَّوم مُجرد حِرمان مِن بعض الأطعِمَة والأشرِبة؛ بل هو خُطوة إلى حِرمان النَّفس دائِمًا مِن شَهواتِها ونزواتِها المَحذورة.
وفي هذا الحديث يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: 
- "ليس الصِّيامُ من الأكْلِ والشُّربِ"، يعني: ليسَ الصَّوم الذي أَمرَ اللهً به مُجرد الامتِناع عَن الأكلِ والشُّرب فقط.
- "إنَّما الصِّيامُ" الحقيقيُّ الذي أرادَه اللهُ هو صِيام عَن الأكلِ والشُّرب، وصِيام من اللَّغوِ والرَّفَثِ.
- "من اللَّغوِ والرَّفَثِ"، أي: الفُحشِ من الكَلامِ وجميعِ القبائِحِ.
- "فإنْ سابَّكَ أحَدٌ، أو جَهِلَ عليك"، أي: شَتَمَك، ووجَّه إليك ما لا تَرْضاه من الكَلامِ، والجهلُ هنا: هو السَّفَهُ، وقيل: هو ما لا يصلُحُ من القولِ والفِعلِ.
- "فقُلْ: إنِّي صائِمٌ، إنِّي صائِمٌ"، يعني: قُلْ ذلك بلِسانِك وقلْبِك؛ زجرًا لنفْسِك عن التعرُّضِ بما يُعطِّلُ أجرَ صَومِها، وله عن التعرُّضِ لأذِيَّتِه.
- وفي روايةٍ لابنِ خُزَيمةَ: "لا تَسابَّ وأنتَ صائِمٌ"، أي: لا تَتَسابَّ واحفَظْ لِسانَك عن السِّبابِ أو الكلامِ الفاحِشِ وأنتَ صائِمٌ.
- "فإنْ سابَّك أحَدٌ فقل: إنِّي صائِمٌ، وإنْ كُنتَ قائِمًا فاجْلِسْ"، المقصودُ: أنْ يُغيِّرَ مِن وَضعِه ويتحوَّلَ إلى وضعٍ آخَرَ أكثرَ هُدوءًا وطُمَأنينةً.
- القائمَ الواقفَ أكثرُ استِعدادًا للبَطشِ والتَّمادي في الغَضبِ، وأمَّا القاعدُ فهوَ أقلُّ حرَكةً وأقلُّ بَطشًا.
* فوائد من الحديث الثامن عشر.
- ليسَ المَقصود مِنَ الصِّيام مُجرَد الامتِناع عَن الطَّعام والشَّراب، بَل المَقصود هُوَ الإمساك عَن مَعصِيَة الله تعالى، وتَحقيق تقوى الله تعالى، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] .
- الصَّائم مأمُور بِحفظِ جَوارِحهِ عَن مَعصِيةِ الله تعالى.
- نَهي الصَّائِمِ عَن الرَّفَث وَالْجَهْل وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَة لَيسَ مُختَصًّا بِهِ؛ بَلْ كُلّ أَحَد مِثْله فِي أَصْل النَّهْي عَنْ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ الصَّائِم آكَدُ.
- بَيَّنَ الحَديث أَدب مِن آداب الصِّيام وَهُوَ الابتِعاد عَن الأخلاق السَّيِئَة.
تقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
 





تعليقات
إرسال تعليق