شرح معاني أسماء القرآن الأربعة الثابتة

 

الأربعون الرمضانية من أحاديث خير البرية .. الحديث الثالث والعشرون

"مَن لم يَدع قَولَ الزور والعملَ بِه"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..

أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، شَهرُ رَمضانَ مِن مَواسمِ الخيرِ الَّتي تَحمِلُ النَّفحاتِ الَّتي أُمِرْنا أنْ نَتعرَّضَ لها ونَنْهَلَ مِن خيرِها، ومع حديث جديد من أحاديث الأربعون الرمضانية، والحديث الثالث والعشرون "مَن لم يَدع قَولَ الزور والعملَ بِه"؛ لنتعرف على شرح هذا الحديث، وبيان ما فيه من أحكام وفوائد.

أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخَير واليُمن والبَركات.

* الحديث الثالث والعشرون: "مَن لم يَدع قَولَ الزور والعملَ بِه".

عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِي الله عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وَسَلَّم قَالَ: "مَن لَمْ يَدَع قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلهِ حَاجَةٌ في أن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ" رَواهُ البُخاريّ

* شرح الحديث الثالث والعشرون.

• مِن حِكَمِ الصَّومِ ومَقاصِده العُظمَى تَحقيقُ التَّقوَى، وكَسْرُ الشَّهوةِ، وتَطويعُ النَّفسِ.

• ليس مَقصودًا من الصِّيام أنْ يَمتنِعَ المسلِمُ عنِ الطَّعامِ والشَّرابِ فَقطْ، بلِ المقصودُ تَهذيبُ النُّفوسِ وتَربيتُها وإصلاحُها.
• - "قَوْلَ الزُّورِ" : الكذب وقول الباطل.
• - "والعَمَلَ به": يعني العمل بالباطل.
• وفي هذا الحَديثِ يُحَذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن أن:
• - يَقتَصِرُ المسلم صِيامُه على الامتِناعِ عنِ الأكلِ والشُّربِ فقطْ، ولم يَترُكِ الكَذِبَ، والمَيلَ عنِ الحَقِّ، والعَمَلَ بالباطِلِ والتُّهمَةِ.
• مَن يَفعَلُ ذلك لا يُريدُ اللهُ منه أنْ يَترُكَ الطَّعامَ والشَّرابَ.
• ليس مَعنى ذلك أنْ يُؤمَرَ الصَّائمُ الَّذي تَلبَّسَ بمَعصيةٍ أنْ يَترُكَ صِيامَه ويُفطِرَ، وإنَّما مَعناه التَّحذيرُ مِن:
• - قَولِ الزُّورِ أو العَمَلِ به.
• - تَعظيمُ التَّلبُّسِ بهذه المَعاصي حالَ الصَّومِ، حيثُ إنَّه يكونُ سَببًا في نُقصانِ أَجرِ عِبادَةٍ مِن أفضَلِ العِباداتِ.
• يَترُكُ الرَّجلُ طَعامَه وشَرابَه وشَهوتَه؛ ويَنقُصُ ثَوابَه قَولُ الزُّورِ والعَملُ به!
• وفي سُنَنِ ابنِ ماجه: «رُبَّ صائمٍ ليس له مِن صِيامِه إلَّا الجُوعُ».

* فوائد من الحديث الثالث والعشرون.

• بيان الحكمة من مشروعية الصيام، فإن الله تعالى لم يشرع الصيام لأجل الامتناعِ عن الطعام والشراب ونحوهما من المباحات في الأصل؛ وإنما شرع الصيام لحكمةٍ عظيمة، ذكَرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، وهي تقوى الله جل وعلا، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
• وتحقيق تقوى الله تعالى تكونُ باتِّباع شرعه وعبادته وطاعته، بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه.

• قال ابن عباس رضي الله عنهما: مَن عمِل السوء فهو جاهل، مِن جهالته عمل السوء؛ فدل الحديث على أمرين:

• - الأول: أنه يتأكَّد على الصائم ترك الذنوب والمعاصي أكثر من غيره، وإلا لم يكن لصيامه معنى.

• - الثاني: أن الذنوب والمعاصي تؤثِّر في الصوم فتَجرَحه وتُضعف ثوابه.

• الصِّيام مدرسةٌ يتربى فيها المسلم على طاعة الله، فلا بد أن يتميز المسلم في صيامه بتقوى الله جل وعلا، فيترك ما اعتاده من التقصير في الواجبات، ويترك ما اعتاده من المنكرات.

• في الحديثِ حَضُّ الصَّائمِ على تَرْكِ المُنكَراتِ والمُحرَّماتِ.

تقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

#اعتكاف النَّبيّ في العَشر الأواخِر مِن رَمضَان.