القائمة الرئيسية

الصفحات

الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفَظ اللهَ يَحفَظك


الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفَظ اللهَ يَحفَظك.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..

أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقة للجنة- ومع حديث جديد من أحاديث الأربعين النووية، وهو الحديث التاسع عشر: احفَظ اللهَ يَحفَظك.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرزقنا العمل بها؛ لننال شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


فهيا بنا لنستمع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم *

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

الحديث التاسع عشر: احفَظ اللهَ يَحفَظك

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامِ! إنِّي أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك؛ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك، وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

* بيان معاني الحديث التاسع عشر.

  • "كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-": أي على دابته صلى الله عليه وسلم، وفيه جواز الارداف على الدابة إن أطاقته.
  • "يَا غُلَامِ!": وهو الصَّبيّ من حين يُفطَم إلى تِسع سِنين، وسِنُّه إذ ذاك كان نَحو عَشر سِنين.
  • "إنِّي أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ": أي ينفعكَ اللهُ بِهِنَّ.
  • "احْفَظْ اللَّهَ": بحفظ فرائضه وحدوده، وملازمة تقواه، واجتناب نهيه وما لا يرضاه.
  • "يَحْفَظْك": في نفسك وأهلك ودنياك ودينك، سيما عند الموت؛ إذ الجزاء من جنس العمل، ومنه قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}.
  • "تَجِدْهُ تُجَاهَك": أمامك أي: تجده معك بالحِفظ والإحاطة، والتَّأييد والنَّصر والإعانة حيثُما كنت، فتأنس به وتستغني به عن خَلقه، فهو تأكيدٌ لما قبله.
  • "إذَا سَأَلْت": شيئًا، أي: أردت سؤاله "فَاسْأَلْ اللَّهَ" أن يعطيك إياه، قال تعالى:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِولا تسأل غيره؛ فإن خزائن الجود بيده، وأزِمَّتها إليه؛ إذ لا قادر ولا مُعطي ولا مُتفضِّل غيره، فهو أحق أن يُقصَد، وفي الحديث: "مَن لا يَسأل اللَّه يَغضَب عليه" رواه البخاري. 
  • "وَإِذَا اسْتَعَنْت": أي طلبت الإعانة على أمرٍ من أمور الدنيا والآخرة "فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ" لما علمت أنه القادر على كل شيء، وغيره عاجزٌ عن كل شيء، حتى عن جلب مصالح نفسه، ودفع مضارِّها.
  • - قال سبحانه وتعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُقدَّم المعمول؛ ليفيد الحصر والاختصاص، فمن أعانه تعالى، فهو المُعان، ومن خذله، فهو المخذول.
  • - ومن ثَمَّ كانت "لا حول ولا قوة إلا باللَّه؛ كنزًا من كنوز الجنَّة" رواه البخاري؛ لتضمُّنها براءةَ النفس من حولها وقوتها إلى حول اللَّه وقوته.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

  • "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ": المراد بها هنا: سائر المخلوقين.
  • "لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك": كما يشهد لذلك قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ ....الآيةَ والمعنى: وحِّد اللَّه تعالى في لحوق الضُّرِّ والنفع؛ فهو الضارُّ النافع، ليس لأحدٍ معه في ذلك شيء.
  • - فعلم أن هذا تقريرٌ وتاكيدٌ لما قبله من الإيمان بالقَدَر خيره وشره.
  • - وتوحيده سبحانه وتعالى في لحوق الضُّرِّ والنفع على أبلغ برهان.
  • - وأوضح بيان، وحثٌّ على التوكل والاعتماد على اللَّه سبحانه وتعالى في جميع الأمور.
  • - وعلى شهود أنه سبحانه وتعالى وحده هو المؤثِّر في الوجود، النافع الضار، وغيره ليس له من النفع ولا من الضر شيء.
  • - وعلى الإعراض عما سواه؛ إذ من تيقَّن ذلك؛ لم يشهد ضره ونفعه إلا من مولاه، ولم ينزل حاجته إلا به سبحانه وتعالى.
  • - كما وقع لإبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام لمَّا أُلقي في المنجنيق ليُلقى في النار؛ فإن جبريل جاءه حينئذٍ وقال له: ألك حاجة؟ فقال: "أما إليك. . فلا".
  • "رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ": أي تركت الكتابة بها فلا تقدير يكتب.
  • "وَجَفَّتْ الصُّحُفُ": المراد بها الصُُّحف التي يكتب بها المقادير كاللوح المحفوظ؛ أي أنها بعد رفع الأقلام جَفت الصُّحف يعني أن كل شيء فيها لا يُعدل.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

* شرح معاني الحديث التاسع عشر.

  • هذا الحديث فيه مِن أبلغ العبارات وأوجزها، وأجمعها لسائر أحكام الشريعة قليلها وكثيرها.
  • فهو من بدائع جَوامِع كَلِم الرَّسُول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه التي اختصَّه اللَّه تعالى بها.
وقد اشتمل على معاني قَيِّمَة ووجيزة، ومِن هذهِ المَعاني والكلمَات الجَامِعَة ما يلي:

- المعنى الأول: حفظ العبد لربه وحفظ الرب لعبده

  • ويتبن لنا هذا المعنى في قول الرَّسُول صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم لابن عباس رضي الله عنه وهو غلام: "احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك".
  • هذه أول تلك الكلمات الجامعة المفيدة العظيمة، والمقصود بحفظ الله عز وجل: حفظ حدوده وشرائعه وأمره ونهيه، بحيث يكون الإنسان ممتثلاً للأوامر، مجتنباً للنواهي مصدقاً للأخبار، عابداً لله عز وجل وفقاً لما شرع في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا هو المقصود بكون الإنسان يحفظ الله.
  • قوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "يَحْفَظْكوهذا هو الجزاء، والجزاء من جنس العمل، فإذا كان العمل حفظاً فإن الجزاء حفظ، فإن كان الإنسان يحفظ حدود الله ويمتثل ويستسلم وينقاد فإن الجزاء هو أن الله يحفظه في أمور دينه ودنياه.
  • قوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَككرر الأمر بحفظ الله عز وجل الذي هو حفظ شريعته، فإذا فعل الإنسان ذلك فإنه يجده تجاهه يسدده ويحوطه ويرعاه ويكلؤه ويحفظه.
  • وكذلك يجد ثواب ذلك في العاجل والآجل، كما قال الله عز وجل: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:7-8]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:97]، فيجد الله عز وجل حافظاً له وراعياً وساتراً وكالئاً ومؤيداً.
  • قوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم"تُجَاهَك" أي: أمامك، وقد جاء في الرواية الأخرى التي في غير الترمذي: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك".

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

- المعنى الثانيوجوب سؤال الله تعالى والاستعانة به وحده.

  • وهذا في قوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ"، وهذا مطابق لقول الله عزوجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:5]، أي: أن العبد يخص الله عز وجل بالعبادة، ومنها السؤال، ويخصه بالاستعانة، فلا يعبد إلا الله، ولا يستعين إلا بالله، فتكون عبادته خالصة لله وتكون استعانته بالله سبحانه وتعالى، فيسأله العون والتسديد.
  • والسؤال هو الدعاء، والدعاء هو العبادة، كما قال رسول الله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم في الحديث الصحيح: "الدعاء هو العبادةولذلك  يجب على الإنسان أن يخص اللهعز وجل بالسؤال والالتجاء إليه والاعتماد عليه، والإلحاح عليه في الدعاء بأن ييسر لك ما تريد من خير الدنيا والآخرة.
  • وكما يجب التوكل على الله وحده يجب عليه أن يأخذ بالأسباب؛ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالأخذ بالأسباب.
  • مع الأخذ بالأسباب أن يستعين المسلم بالله عز وجل، ولا يعتمد على الأسباب ويتكل عليها؛ بل يأخذ بها، والأخذ بها مشروع، بل يعتمد على الله عز وجل ويتوكل على الله عز وجل الذي هو مسبب الأسباب.
  • فإذا شاء الله تعالى جعل تلك الأسباب مفيدة ونافعة وإذا شاء جعلها غير مفيدة ولا نافعة، فقد يوجد السبب ولا يوجد المسبَّب، ولكن الإنسان يأخذ بالسبب المشروع، ويتوكل على الله عز وجل ويعتمد عليه سبحانه وتعالى ويسأله.
  • ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله وهذا أمر بالأخذ بالأسباب، وأن الإنسان يأخذ بالأسباب المشروعة، ولكن لا يعتمد عليها، ولا يقول: إن السبب إذا وُجد وجد المسبّب، فقد يوجد السبب بدون المسبب.
  • فالإنسان عليه أن يفعل السبب، ولكن مع فعل السبب لا يعتمد عليه ويقول إن السبب قد وجد فلا بد أن يوجد المسبب، فإنه يمكن أن يوجد السبب ولا يوجد المسبب، ولكن كون الإنسان يضيف إلى فعل السبب التعويل على الله وسؤال الله عز وجل أن ينفع بالأسباب، فهو الذي إذا شاء نفعت الأسباب، وإذا شاء وجدت الأسباب ولكن تخلف نفعها وتخلفت ثمرتها؛ لأن الأمر يرجع إلى مشيئته وإرادته سبحانه وتعالى، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
  • وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً"، وهذا داخل في الأسباب، ولهذا تظهر في الصباح خامصة البطون ليس في بطونها شيء، ثم ترجع في الرواح وقد امتلأت بطونها فقال عليه الصلاة والسلام: "تغدو خماصاً وتروح بطاناً"، فكذلك الإنسان يتوكل على الله عز وجل ويفعل السبب، ولا يكون توكله بدون فعل الأسباب.
  • ولهذا يقول بعض أهل العلم: إن الاعتماد على الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسباباً نقص في العقل.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

* فائدة: جواز الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه

  • قول الله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:5]، أي: نخصك بالعبادة ونخصك بالاستعانة، لكن إذا كان الإنسان يقدر على شيء وطلب منه أخوه المسلم الإعانة فإن ذلك لا بأس به، كأن يطلب منه أن يشفع له، أو يطلب منه أن يعينه على حمل شيء.
  • وجاء في الحديث: "وتُعين الرَّجل في دابته فتحمِلُه عليها صَدَقة"، فإذا طلب منه شيء يقدر عليه فإن هذا لا بأس به وليس بمحذور.
  • لكن الشيء الذي لا يجوز هو سؤال الغائبين كسؤال الجِّن والملائكة، فهذا هو الذي لا يجوز، بل على الإنسان أن يسأل الله عز وجل، وإذا كان المخلوق الذي معه يقدر على إعانته في شيء فلا بأس أن يطلب منه إعانته.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

- المعنى الثالثلا ينفع أحد ولا يَضُر إلا بِما كَتَبَه الله تعالى وأرَاده.

  • وهذا في قوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك".
  • فلما ذكر الأمر بسؤال الله عز وجل والاستعانة به؛ عقب ذلك بأن النَّاس لا ينفعون الإنسان بشيء إلا وقد كتب له، ولا يضرونه بشيء إلا وقد كتب عليه.
  • فلا يحصل في ملك الله إلا ما أراده الله، ولا يحصل في ملك الله شيء لم يرده الله عز وجل؛ بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكأي: أنه لا يحصل بهم شيء غير مقدر؛ بل كل ما يحصل منهم فهو مقدر، فما يحصل منهم من خير لك فهو مقدر لك، وما يحصل منهم من شر عليك فهو مقدر عليك، والله عز وجل سبق قضاؤه وقدره بذلك وسبقت كتابته بذلك، وهو واقع لا محالة.
  • فالعباد لا ينفعون إلا إذا شاء الله عز وجل نفعهم، ولا يضرون أحداً إلا إذا شاء الله ضررهم؛ لذلك الذي أرادوا ضرره، فالأمر كله يرجع إلى مشيئة الله وإرادته وإلى قضائه وقدره سبحانه وتعالى.
  • وهذا ببان أن الأمور كلها بيد الله عز وجل، وأن الإنسان يعول على الله عز وجل بسؤاله واستعانته؛ لأنه هو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو قادر على كل شيء، وغيره لا يقدر إلا على ما قدره الله عليه، ولا يحصل منه إلا ما قدره الله تعالى وقضاه.


فائدة: معنى الكتابة الشرعية والكتابة الكونية القدرية.
  • الكتابة هنا بمعنى: التقدير؛ لأن الكتابة تنقسم إلى: شرعية، وقدرية كونية، وقد مر بنا في الحديث السابع عشر من الأربعين النووية أن الله كتب الإحسان على كل شيء، وتلك كتابة شرعية دينية، وهنا الكتابة كتابة قدرية كونية، فما قدره الله لا بد أن يوجد.
  • وأما كونه عز وجل أمر بالإحسان وشرع الإحسان فإنه يحصل ما شاء الله تعالى أن يحصل منه، ويتخلف حصول ما شاء الله ألا يحصل منه؛ لأن الإرادة الدينية تقع ممن شاء الله تعالى أن تقع منه، ولا تقع ممن شاء الله ألا تقع منه.
  • لكن الكتابة الكونية لا بد من وقوعها، فكل شيء مقدر لا بد من وجوده، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ويقول الله عز وجل: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[لحديد:22]، وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}[التوبة:51].

  • وهذا فيه الإيمان بالقَدر، وأن كل شيء مقدر سبق به القضاء والقدر، وأنه لابد من وقوع المقدر، فحيث شاء الله عز وجل أن يحصل للإنسان شيء لا بد أن يوجد، وحيث شاء ألا يحصل فإنه لا سبيل إلى وجوده.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

المعنى الرابعانتهاء الكتابة بما هو كائن إلى يوم القيامة

  • ثم علل ذلك بقوله صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، وهذا تأكيد للجملتين السابقتين اللتين فيهما إثبات القدر وأنه لا يقع من العباد إلا مقدر، سواء كان خيراً أو شراً فإنه لا يقع منهم إلا شيء قد قدره الله عز وجل.
  • "رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ" أي: انتهت الكتابة وفرغ منها في اللوح المحفوظ، وسطر في اللوح المحفوظ ما سطر، وكل ما سجل في اللوح المحفوظ لا بد وأن يقع.
  • "وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" أي: أن الكتابة التي حصلت في اللوح المحفوظ قد جف مدادها، بمعنى: أنه فرغ من ذلك وانتهي منه، وأن الله عز وجل قد قدر كل ما هو كائن، ولابد وأن يوجد ذلك المقدر وفقاً لما أراده الله عز وجل وما شاءه سبحانه وتعالى، فاللوح المحفوظ قد كتب فيه ما كتب، ولا بد من وقوع ذلك المكتوب، ولا بد من وقوع ذلك المقدر على وفق ما أراد الله عز وجل أن يوجد عليه ذلك المقدر.

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

المعنى الخامسالتعرف إلى الله تعالى في الرخاء ينفع في الشدائد

  • وَهذا فِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِي: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ"
  • أيأنك في حال سعتك ورخائك عليك أن تشتغل بطاعة الله عز وجل وبعبادته، حتى إذا أصابتك الشدة تجد من الله عز وجل الفرج وكشف الكرب والشدة.
  • وذلك أن الإنسان إذا عمل في حال رخائه وفي سعته الأعمال الصالحة، فإنه في حال شدته وكربه يكشف الله عز وجل ما به من كرب ويكشف ما به من شدة.
  • كما قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:2 – 3].
  • وقوله تعالى عن يونس عليه السلام: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات:143 -144].
فائدةقصة أصحاب الغار الثلاثة.
  •  التي ثبتت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من أمثلة ذلك.
  • وذلك أن ثلاثة ممن كانوا قبلنا كانوا يسيرون في فلاة، فآواهم المبيت إلى غار، فأرادوا أن يستريحوا فيه وأن يبيتوا فيه، فباتوا فيه، فنزلت صخرة وسدت باب الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فصاروا كأنهم في قبر وهم أحياء لم يموتوا، وليس أمامهم إلا الموت؛ لأنهم داخل الغار وقد سدت الباب صخرة عظيمة، ففكروا واهتدوا إلى أن كل واحد منهم يتوسل إلى الله عز وجل بعمل صالح عمله في حال الرخاء، ويسأل الله عز وجل به ويتوسل إليه عز وجل به ليفرج عنهم ما هم فيه.
  • وهذا هو ما يوضح معنى قوله: "تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ"، فهؤلاء عملوا هذه الأعمال الصالحة في حال رخائهم وسعتهم، والله عز وجل فرج عنهم ما هم فيه من كرب وشدة بأن أزال هذه الصخرة التي سدت باب الغار، وذلك بتوسلهم إليه بأعمالهم الصالحة التي فعلوها في حال رخائهم وفي حال سعتهم، فنفعهم ذلك عند الله عز وجل عندما كانوا في شدة، والله تعالى يقول كتابه العزيز: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل:62].

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

المعنى السادسكل شيء بقضاء وقدر

  • ثم قال صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك، وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك"
  • ومعنى هاتان الجملتان:
  • - أن كل شيء لم يقدره الله لك فلا يمكن أن يحصل لك.
  • أن كل شيء لم يكتب لك فلن يقع.
  • أن كل شيء قدر لك فلا بد وأن يوجد الشيء الذي قدر لك ولن يخطئك أبداً، بل لابد وأن يحصل لك.
  • وهي تُبنى عليهما عقيدة المسلمين في القضاء والقدر، وهما: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
  • فقول: "ما شاء الله كان" يوافقه في الحديث: "وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك"؛ وقول: "وما لم يشأ لم يكن" يوافقه في الحديث: "وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك".

الأربعون النووية, الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية: احفظ الله يحفظك,فوائد الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث التاسع عشر,احفظ الله يحفظك

المعنى السابعالنَّصر مع الصَّبر والفرج مع الكرب

  • ثم قال صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم: "وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"
  • أي أن النصر على الأعداء إنما يكون مع الصَّبر على الجهاد وعدم الفرار، وقد جاء في الحديث: "لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف"
  • ولا يكون النَّصر مع الضعف ومع الخَور وعدم التحمل، وإنما يكون بالصَّبر، وكون الإنسان يصبر فإنه يأتي النَّصر نتيجة لذلك.
  • وقوله: "وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ": أي إذا حصلت الشِّدة وحصل الضيق والتجأ الإنسان إلى الله عز وجل؛ فإن الشِّدة يعقبها فرج من الله عز وجل.
  • وقوله"وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، فإذا حصل العُسر والضيق فإنه يَعقُبُ ذلك اليُسر من الله عز وجل، كما قال الله عز وجل: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7]، وقال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5 - 6].

الأربعون النووية, الحديث السابع عشر من الأربعين النووية: الأمر بالإحسان والرفق بالحيوان,فوائد الحديث السابع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث السابع عشر,الأمر بالإحسان والرفق بالحيوان

* ما يستفاد من الحديث التاسع عشر.

  • ملاطفة النَّبي صَلى اللهُ عَليهِ وَسلَم للغِلمان ونصحههم وتوجيهه لهم ووصيتهم.
  • ينبغي لمن ألقي كلامًا ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه، حيث قال: "يَا غُلاَمُ إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".
  • أن من حفظ  الله وحقظ حدوده والتزمها؛ حفظه الله ونال الخير كله وأعظمها معية الله تعالى؛ لقوله: "احفَظ الله يَحفَظكَ".
  • أن من أضاع الله -أي أضاع دين الله- فإن الله يُضيعه ولا يحفظه، قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[الحشر:19].
  • طلب الإعانة أكملها يكون من الله جل وعلا فهو القوي الذي لا يغلب والنفع والضر لا يكون إلا بشيء قد كتبه الله تعالى.
  • لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه أن يعينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة".
  • أن الأمة لن تستطيع أن تنفع أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.
  • يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين، فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.
  • أن كل شيء مكتوب منتهٍ منه، فقد ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أن الله عزّ وجل كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة رواه مسلم 
  • الإيمان بالقضاء والقدر؛ وأن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه، وأن الله عزّ وجل إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه، كما جاء في قوله: "ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبكلذلك يكون فيه تسلية له عند المصائب.
  • من علامات المؤمن المتعلق بربه أنه شديد الصلة بالله في الرخاء ومن نتائج ذلك سيجد النصرة في الشدة.
  • في الحديث بشارات:
  • - أن النَّصر مقارن للصَّبر.
  • - أن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب، فكلما كرب الإنسان أمر فرج الله عنه.
  • - أن الإنسان إذا أصابه العُسر فلينتظر اليُسر، وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم، فقال تعالى:  {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}[الشرح:5 - 6].
  • فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله وآله وصحبه وسلم.

الأربعون النووية, الحديث السابع عشر من الأربعين النووية: الأمر بالإحسان والرفق بالحيوان,فوائد الحديث السابع عشر من الأربعين النووية,الأربعين النووية,الحديث السابع عشر,الأمر بالإحسان والرفق بالحيوان








هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع