بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد ..
- يقول الله عزوجل في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:41–42]
- ولما كان ذكر الله عز وجل في الصباح والمساء من أشرف الوظائف اليومية، فقد عَيَّن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم لهذين الوقتين المباركين أذكاراً كثيرة ذواتِ فضائل جليلة، وقد أُلحِق بها ما أمكن الوقوف عليه من الآداب الشرعية المتعلقة بهذين الوقتين الشريفين ومن هذه الآداب الشرعية ما يلي:
إقرأ أيضا
* الآداب الشرعية لأذكار الصباح والمساء.
- الأول:
- أن يستحضر أن الله سبحانه وتعالى يستعتبه، ويمد في أجلِه عسى أن يتوب إليه، ويُقبل عليه.
- ولهذا المعنى كان صلى الله عليه وسلم، إذا اسيقظ من نومه حمد الله على أن: "رَدَّ عليه رُوحه، وعافاه في جسده، وأَذِن له بذكره"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس أحدٌ أفضلَ عند الله من مؤمنٍ يُعَمَّر في الإِسلام، لتسبيحه، وتكبيره، وتهليله".
- وقال ابن مسعود رضي الله عنه لجاريته حين أخبرته بطلوع الشمس: "الحمد لله الذي وَهَبَ لنا هذا اليوم، وأقالنا فيه عثراتنا، ولم يعذبنا بالنار "
- الثاني:
أن يلزم الاستغفار، ويجدد التوبة من جميع الذنوب بالكف عنها، والندم عليها، والعزم الأكيد على عدم معاودتها، وأداء الحقوق إلى أصحابها.
- قال رجل لحاتم الأصم: ما تشتهي؟
- قال: أشتهي عافية يوم إلى الليل.
- فقال له: أليست الأيام كلها عافية؟
- قال: إن عافية يومي أن لا أعصي الله فيه.
- قال: أشتهي عافية يوم إلى الليل.
- فقال له: أليست الأيام كلها عافية؟
- قال: إن عافية يومي أن لا أعصي الله فيه.
- الثالث:
- أن يكون من أصحاب هَمِّ الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: "من كانت همَّه الآخرةُ، جمع له شملَه، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمةً، ومن كانت همَّه الدنيا، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كَتَبَ الله له".
- وذلك يقتضي أن يجتهد في تعمير وقته، وشغل قلبه بكل ما يرضي الله من صالح الأعمال.
- الرابع:
- أن يعزم على كف شره عن الناس، ويطهر قلبه من الغِل لأَيٍّ من المسلمين.
- قال الصحابي -الذي بشره النبي صلى الله عليه وسلم, بأنه من أهل الجنة- لعبد الله ابن عمرو لما أقام معه ثلاثاً كي يرقب عبادته، فاستقلها، وسأله عما يكون قد بلغ به هذه المنزلة، فقال رضي الله عنه: "ما هو إلا ما رأيتَ غير أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غِشًّا, ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه"، قال عبد الله: فقلت له: "هي التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق".
- الخامس:
أن يستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللسان تقول:" اتق الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمتَ استقمنا، وإن اعوججتَ اعوججنا "، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أكثر خطايا ابن آدم لسانه".
- السادس:
أن يمكث في مصلاه بعد صلاة الصبح يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، وأن يمكث كذلك بعد صلاة العصر، فإنه من أشرف أوقات الذكر.
واعلم -رحمك الله- أن السلف كانوا يكرهون الكلام -في المسجد- بعد ركعتي الفجر، حتى تطلع الشمس.
- فعن عطاء قال: خرج ابن مسعود -رضي الله عنه- على قوم يتحدثون بعد ركعتي الفجر، فنهاهم عن الحديث، وقال: "إنما جئتم للصلاة، إما أن تصلوا، وإما أن تسكتوا".
- وعن أبي عبيدة قال: "كان عزيزًا على ابن مسعود أن يتكلم بعد طلوع الفجر إلا بذكر الله ".
- وعن حصيف قال: سألت سعيد بن جبير عن آية بعد الركعتين فلم يجبني، قال فلما صلَّى قال: "إنه ليكره الكلام بعد الركعتين"، قلت :"يقول الرجل لأهله: الصلاةَ"، قال: لا بأس.
- وعن عثمان بن أبي سليمان قال: "إذا طلع الفجر فليسكتوا وإن كانوا ركبانًا".
- وذكر أن ابن المسيب كان يقول: "أنا إذًا أحمقُ مِنَ الذي يتكلم بعدما يطلع الفجر".
- وقال الأوزاعي -رحمه الله :-"كان السلف إذا صدع الفجر كأنما على رؤوسهم الطير، مقبلين على أنفسهم، حتى لو أن حميمًا لأحدهم غاب عنه حينًا ثم قدم ما التفت إليه، فلا يزالون كذلك حتى يكون قريبًا من طلوع الشمس".
- وقال الوليد بن مسلم: "كان الأوزاعي يبيت في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف أن ذلك كان هديهم ".
- وعن إبراهيم: أنهم كرهوا الكلام بعد ركعتي الفجر.
- وعن مالك قال: كان سعيد بن أبي هند، ونافع مولى ابن عمر، وموسى بن ميسرة، يجلسون بعد صلاة الصبح حتى يرتفع النهار، ثم يتفرقون، ما يكلم بعضهم بعضًا، فقلنا له: اشتغالاً بذكر الله؟ قال: "كل ذلك".
- وعن مجاهد قال: رأيت ابن عمر -رضي الله عنهما- صلى ركعتي الفجر ثم احتبى، فلم يتكلم حتى صلى الغداة.
- السابع:
أن يجتهد في الجمع في يوم واحد بين صوم تطوع، وعيادة مريض، وتشيع جنازة، وإطعام مسكين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعت هذه الخِصال في رجل في يوم إلا دخل الجنة".
- الثامن:
أن يستحضر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم آمنًا في سِرْبِه، مُعافًي في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدنيا بحذافيرها".
- التاسع:
- أن يبادر بكتابة وصيته بشيء من ماله: ثُلُثٍ أو أقل، إذا كان له مال كثير وورثته أغنياء، فيوصي به أقربائه من غير الوارثين، أو لجهة من جهات الخير.
- وإذا كان عليه دين، أو عنده وديعة، أو عليه حقوق يخشى أن تضيع على أصحابها بموته يجب عليه أن يوصي بذلك حتى لا يؤاخذه الله بها.
- وكذا له أن يوصي بالعهد إلى من ينظر في شأن أولاده الصغار إلى بلوغهم.
- العاشر:
- أن يستحضر أن هذا اليوم أو هذه الليلة قد يكون آخر عهده بالحياة، لقوله تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} [سورة الأعراف:185].
- وقد رُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أكثروا ذِكْرَ هادِمِ اللذات الموت، فإنه لم يذكره أحدٌ في ضِيق من العيش إلا وسَّعه عليه، ولا ذكره في سَعَةٍ إلا ضَيَّقَها عليه ."
- وقال صلى الله عليه وسلم: "أتاني جبري، فقال: يا محمد عِش ما شئت، فإنك مَيت، وأحبب من شئت فإنك مُفارقه، واعمل ما شئت فإنك مَجْزِيٌ به" الحديث.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: "كُن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل, وعُدَّ نفسك في أصحاب القبور".
- وكان ابن عمر يقول: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك".
نموتُ ونحيا كلَّ يوم وليلة ... ولا بد من يوم نموتُ ولا نحيا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ولقراءة أذكار الصباح كاملة في هذه البطاقات بفضل الله
تعليقات
إرسال تعليق