بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
أهلًا بكم متابعي وزوار مدونة -طريقك للجنة- قد تحدثنا في اللقاء السابق عن بعض شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، وذكرنا "أوصافه صلى الله عليه وسلم الخَلقية، وبعض أوصافه الخُلُقية".
ونكمل في هذا اللقاء بإذن الله أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم الخُلُقية.
* أوصافه الخُلُقية صلى الله عليه وسلم.
- لا ينتقم لنفسه صلى الله عليه وسلم.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «واللَّهِ ما انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ في شيءٍ يُؤْتَى إلَيْهِ قَطُّ، حتَّى تُنْتَهَكَ حُرُماتُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ».
- كانَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقَّافًا عندَ حُدودِ اللهِ ومحارمِه ويغضبُ لله أشدَّ الغَضبِ حتى يُزالَ الحرامُ.
- فكان صلَّى الله عليه وسلَّم يُوازِنُ بين ما فيه مَصلحةٌ للعبادِ وبينَ ما يكون حقًّا للهِ تعالى.
- وكانَ من حُسن خُلُقِه أنه يُسامِحُ في حَقِّ نفسِهِ، فكان صلَّى الله عليه وسلَّم لا ينتقِمُ ويَبطِشُ بأحدٍ إلا إِذا انتُهِكتْ حُرماتُ الله بالتَّعدِّي عليها، وارْتكابِ المعاصي، فَحينئِذٍ يكونُ أشدَّ الناسِ انتقامًا للأخذِ بحقِّ اللهِ.
* وفي الحديثِ:
- إرشادٌ المسلمينَ إلى الوقوفِ عندَ حُرماتِ اللهِ وحُدودِه.
- أن لا يُنتَهكُ حقُّ اللهِ في المجتمعِ المسلمِ، فإذا حدَثَ ذلكَ وجَبَ على المسلمِ الغضَبُ للهِ مُقتدِيًا بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
- مُراعاةِ وَضعِ الأُمورِ في نِصابِها، وأن يكونَ الغضبُ في مَحلِّهِ ولا يَتجاوَزَه إلى أَكثرَ منه حتَّى لا يُفسِدَ من حيثُ أرادَ الإصلاحَ.
- حياؤه صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ».
- إحسانه لأهله.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» رواه الترمذي.
- خدمته لأهله صلى الله عليه وسلم.
عن الأسود بن يزيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في بَيْتِهِ؟ قالَتْ: «كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ» رواه البخاري.
- أَوْصَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرِّجالَ بِالِّنساءِ خيرًا، وحَثَّهم على الإحسانِ إليهنَّ ومُعاشرَتِهنَّ بِالمعروفِ.
- وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُدوةَ الحَسَنةَ لِهذه الأُمَّةِ، فكانَ أفضلَ النَّاسِ وأرحَمَهم وأرفَقَهم في مُعاملةِ أهلِه وعِشرتِه.
- ومِن مَظاهِرِ ذلك ما تُخبِرُ به أُمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها في هذا الحديثِ؛ فعندما سُئِلَتْ رَضيَ اللهُ عنها عَن حالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بيْتِه وكيفَ كان يَصنَعُ، قالتْ: كان يكونُ في خِدمةِ أهْلِه، بِمعنى أنَّه كان يُساعِدُهنَّ في الأعمالِ الَّتي يَقُمْنَ بها.
- ومِن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ –كما في مُسنَدِ أحمَدَ- كان يَخدُمُ نفْسَه، ويَحلُبُ شاتَه، ويَرقُعُ ثَوبَه، ويَخصِفُ نَعْلَه، وكان إذا حضَرَتِ الصَّلاةُ خرَجَ إليها دُونَ تَأخيرٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
- وهذا فيه تَعليمٌ للأُمَّةِ حتَّى يَقتَدوا بنَبيِّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في القيامِ بما يَستطيعُه وما يتَّفِقُ معه مِن مُهِمَّاتِ البيتِ، وأنْ يَخدُمَ نفْسَه في بَعضِ الأُمورِ.
- أنَّه لا غَضاضةَ في ذلك مع الحِرصِ على أداءِ واجباتِ اللهِ وحُقوقِه، وتلك مُوازنةٌ بيْن كلِّ الحُقوقِ والواجباتِ التي تَفرِضُها الحياةُ على الإنسانِ.
* وفي الحديثِ:
- القِيامُ إلى الصَّلاةِ إذا حَضَرتْ، وتَرْكُ الشُّغْلِ بعَملِ أيِّ شَيءٍ مِن مَصالِحِ الدُّنيا؛ إمامًا كان أو مأمومًا.
- تولِّي الأئمَّةِ والفُضلاءِ خِدمةَ أُمورِهم بأنفُسِهم، وأنَّ ذلِك مِن فِعلِ الصالِحينَ اتِّباعًا لسيِّدِهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
- لا يُعيب الطعام صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: «ما عَابَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ طَعَامًا قَطُّ، إنِ
اشْتَهَاهُ أكَلَهُ وإلَّا تَرَكَهُ». رواه البخاري.
- الطَّعامُ والشَّرابُ مِن رِزقِه تَعالى الَّذي منَّ به علينا، فإذا عابَ المرءُ ما كَرِهَه منَ الطَّعامِ، فإنَّه قد رَدَّ على اللهِ رِزقَه.
- وقد يَكرَهُ بعضُ النَّاسِ منَ الطَّعامِ ما لا يَكرَهُه غَيرُه، ونِعَمُ اللهِ تعالى لا تُعابُ، وإنَّما يَجِبُ الشُّكرُ عليها، والحمدُ للهِ لأَجْلِها؛ لأنَّه لا يَجِبُ لنا عليه شَيءٌ منها، بل هو مُتفضِّلٌ في إِعطائِه عادلٌ في مَنْعِه.
- لذلك كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَعيبُ طعامًا أبدًا، وإنَّما كان يَأكُلُه إذا اشتَهاه وأَرادَه، فإذا لم يُحِبُّه تَرَكَه ولم يُعبْه تأدُّبًا مع اللهِ تعالى في عَدَمِ إبداءِ الكَراهةِ لرِزقِه.
- يقبل الهدية صلى الله عليه وسلم.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْبَلُ
الهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عَلَيْهَا». رواه البخاري.
- كان صلَّى الله عليه وسلَّم يَقبَلُ الهديَّةَ من كلِّ مَن أَهْدَى إليه، ولا يرُدُّ أيَّ هديَّةٍ تُقدَّمُ إليه مهما كانتْ يسيرةً، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "لو أُهدِيَ إليَّ ذِراعٌ أو كُراعٌ، لَقَبِلْتُ".
- وهذا مِن كَرَمِ نفسِه وحُسنِ خُلُقِه، بل أمَرَ بالتَّهادي وحَثَّ عليه فقال: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا".
- ومعنى (يُثِيبُ عليها)؛ أي: يُكافِئُ مَن أعطاهُ بهديَّةٍ مِثلِها أو خيرٍ منها؛ لئلا يكونَ لأحدٍ عليه يدٌ، ولا يَلزَمُه لأحدٍ مِنَّةٌ.
- وفي الحديثِ: تواضُعُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
- لا يأكل الصدقة صلى الله عليه وسلم.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنَّا آلَ مُحَمَدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَأكُلونَ الصَّدقَةَ».
- تغافله صلى الله عليه وسلم عن الجاهلين.
عَن أبو هُرَيرةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رسولَ الله صلَّى
الله عليه وسلَّم قَالَ: «ألا تَعْجَبُونَ كيفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ
ولَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وأنا مُحَمَّدٌ» رواه البخاري.
* في
الحديثِ:
- أنَّ اللهَ سبحانه وتعالى صرَف عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم شرَّ قُرَيشٍ.
- تنزيهُ اسمِه صلَّى الله عليه وسلَّم مِن أن يعلَقَ به أذَى مُشركٍ
- صِدقُهُ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ عَبدُ الله بن مَسعود رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ:
حدَّثَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادقُ المَصدوق.
- خُلُقُه مع خادِمه صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عشرَ سنينَ، فما قال لي
أُفٍّ قطُّ، وما قال لي لشيٍء صنعتُه: لِمَ صنعتَه، ولا لشيٍء تركتُه: لِمَ تركتَه».
- والمعْنى: لمْ يقُلْ لِشَيءٍ صَنعْتُه مِن نفْسِي مِن غَيرِ أمْرٍ به: لِمَ صَنعْتَه؟ ولا لِشَيءٍ لمْ أصْنَعْهُ، وكنْتُ مأمورًا بِه: لِمَ لمْ تَصنَعْه؟ بالتَّوبيخِ أو اللَّومِ على ترْكِ الفِعلِ.
- وتَرْكُ اعتراضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أنسٍ رضِيَ اللهُ تعالى عنه فيما خالَفَ أمْرَه، محمولٌ على ما يَتعلَّقُ بالخِدمةِ لا فيما يَتعلَّقُ بالتَّكاليفِ الشَّرعيَّةِ؛ فإنَّه لا يجوزُ ترْكُ الاعتراضِ فيه.
- ويُفهَمُ منه: أنَّ أنَسًا لم يَرتكِبْ أمْرًا يَتوجَّهُ إليه فيه مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعتراضٌ.
- عدم تميُّزه صلى الله عليه وسلم عن أصحابه بشيء، وكونه واسع الصَّدر رحبَه.
قَالَ أَنَسٍ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في
المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ،
ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ المُتَّكِئُ.
فقالَ له الرَّجُلُ: يا ابْنَ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ
عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ. فقالَ الرَّجُلُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في
نَفْسِكَ. فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن
قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في
اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ،
آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ
نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ
مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ
مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ» رواه البخاري.
كان
النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثرَ الناسِ تواضعًا، وكان الناسُ يَأتون إلى
فيَسألونَه عن شَرائعِ الدِّينِ، فيُعلِّمُهم ويُجِيبُهم بما يُناسِبُ أحوالَهم؛
حتى يكونَ الأمرُ واضحًا في عُقولِهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنسُ بنُ مالكٍ
رَضيَ اللهُ عنه أنَّ ضِمامَ بنَ ثعلبةَ رَضيَ اللهُ عنه -وكان سَيِّدَ قَومِه بني
سَعدِ بنِ بكرٍ- جاء إلى المدينةِ لمُقابَلةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛
ليَسأَلَه عن أركانِ الإسلامِ؛ ليَكونَ مُعلِّمًا لقَومِه بعْدَ رُجوعِه.
* وفي
الحديثِ:
- أنَّ الرَّجلَ يُعرَفُ بصِفتِه؛ مِن البَياضِ والحُمرةِ، والطُّولِ والقِصَر؛ لقولِهِم: فقُلْنا: هذا الرَّجلُ الأبيضُ.
- بَيانُ تَواضُعِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجُلوسِه بيْن أصحابِه ومعهم، ولا يَقومُ واحِدٌ منهم على رَأسِه، كما يَفعَلُ الأعاجمُ في غيرِ حاجةٍ.
- تَقديمُ الإنسانِ بين يدَيْ حَديثِه مُقدِّمةً يَعتذِرُ فيها؛ ليَحسُنَ مَوقعُ حَديثِه عندَ المُحدَّثِ.
- خُبزه صلى الله عليه وسلم.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا: «ما
شَبِعَ آلُ محمَّدٍ من خُبزِ الشَّعيرِ يومَيْن مُتتابعَيْن حتَّى قُبِض رسولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم»
رواه مسلم.
- ولا تَعارُضَ بينَ هذا الحديثِ وما في الصَّحيحينِ: "أنَّه كان يأخُذُ ممَّا أفاء اللهُ عليه مِن بَني النَّضيرِ وفَدَكٍ قوتَه وقوتَ عِيالِه سَنةً، ثمَّ يَجعَلُ ما فضَلَ مِن ذلك في الكُرَاعِ والسِّلاحِ عُدَّةً في سبيلِ اللهِ".
- لأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يَكُنْ يَكنِزُ مالًا، وكان كثيرَ الصَّدَقةِ، وكان الضِّيفانُ تأْتيهِ، فيُكرِمُهم بما عنده حتَّى يَنتهِيَ، وربَّما كان هذا حالَهم في وقتٍ دون وقتٍ، أو في أكثرِ الأوقاتِ.
* وفي الحديثِ:
- بيانٌ لزُهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وأهلِ بيتِه رضِيَ اللهُ عَنهنَّ.
- ابتلاءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأهلِه رضِيَ اللهُ عَنهنَّ .
- زُهدِه صلى الله عليه وسلم في الدنيا.
عَن قَالَ أَبُو هُرَيرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ: «لَوْ كانَ لي مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا ما يَسُرُّنِي أنْ لا يَمُرَّ
عَلَيَّ ثَلاثٌ، وعِندِي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ» رواه البخاري.
* وفي الحديث:
- الاهتمامُ بِأَمْر الدَّينِ وتَهيئتِه لأدائِه.
- فَضلُ أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.
- لا يَشتِم صلى الله عليه وسلم.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لم يَكُن صلى الله عليه وسلم فاحِشًا ولا مُتفَحِّشًا ولا صخَّابًا
في الأسواقِ، ولا يَجزي بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولَكِن يَعفو ويَصفَحُ» رواه الترمذي.
كان
النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسنَ الناسِ خُلُقًا، وقد اتَّصَفَ بأخلاقِ
القُرآنِ، وكان هذا تأديبًا من اللهِ لنَبيِّه، وقد نقَلَ لنا الصَّحابةُ هدْيَه
وسمْتَه وأخلاقَه.
- قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: «لم يكُنْ فاحِشًا» الفُحْشُ: القُبْحُ، وكلُّ سُوءٍ جاوز حدَّه فهو فاحشٌ، أي: لم يكُنْ مُتكلِّمًا بالقَبيحِ أصلًا ولم يكُنْ في طبْعِه.
- «ولا مُتفَحِّشًا» أي: بالتَّكلُّفِ، أي: لم يكُنْ فيه الفُحْشُ؛ لا ذاتيًّا ولا عرَضًا.
- «ولا صخَّابًا في الأسواقِ» أي: لم يكُنْ صيَّاحًا يرفَعُ صوتَه في الأسواقِ.
- «ولا يَجْزي بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولكنْ يَعْفو ويَصفَحُ» أي: يُعْرِضُ عن صاحِبِ السَّيئةِ، بلْ ويَعْفو عنه؛ لقولِه تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 13].
- وفي الحديثِ: بَيانُ بعضِ صِفَاتِ الرَّسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأخلاقِه الحميدةِ.
- ما مس صلى الله عليه وسلم كف إمرأة.
قَالَت عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: « وَاللَّهِ، ما أَخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ
علَى النِّسَاءِ قَطُّ إلَّا بما أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَما مَسَّتْ كَفُّ
رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكانَ يقولُ
لهنَّ إذَا أَخَذَ عليهنَّ: قدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلَامًا» رواه مسلم.
- كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إذَا هَاجَرْنَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النبيُّ إذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ علَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ باللَّهِ شيئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12] إلى آخِرِ الآيَةِ.
- قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أَقَرَّ بهذا مِنَ المُؤْمِنَاتِ، فقَدْ أَقَرَّ بالمِحْنَةِ.
- وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَقْرَرْنَ بذلكَ مِن قَوْلِهِنَّ، قالَ لهنَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: انْطَلِقْنَ، فقَدْ بَايَعْتُكُنَّ وَلَا وَاللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غيرَ أنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بالكَلَامِ.
* وفي الحديث:
- بيانُ كيفيَّةِ مبايعةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للنِّساءِ وأنَّه لم يَمسَّ أَيديَهنَّ.
- وهذا هدْيٌ نبويٌّ يَنبغي اتِّباعُه في كلِّ الأمورِ المهمَّة التي يَكونُ فيها للنساءِ رأيٌ أو اختيارٌ.
- إرشادُ الرِّجالِ إلى عدمِ مَسِّ النِّساءِ الأجنبيَّاتِ.
وإلى هنا تنتهي شمائل النبي صلى الله عليه وسلم.
ونبدأ في اللقاء القادم في موضوع جديد من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
"وهديه صلى الله عليه وسلم"
تعليقات
إرسال تعليق