دعاء سيدنا زكريا "رب لا تذرني فردًا"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..
- إن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى، حتى الأنبياء وهم بشر مثل باقي البشر غير أنهم مكلفون من الله تعالى بالرسالة، فهم لا يستغنون عن دعاء الله تعالى في كل أحوالهم.
- وقد قَصَ الله تعالى لنا في كتابه الكريم قصص الأنبياء لأخذ العِبرة والعِظة والقدوة منهم في جميع أحوالهم.
- ومن بين هذه القَصَص قصة سيدنا زَكَرِيَا حين دعى الله تعالى أن يرزقه الولد؛ مع كِبر سنة هو وزوجته العقيم، فاستجاب الله دعاءه وَوَهب له يَحيى وأصلح له زوجته؛ فسبحان الله القادر على كل شيء!.
- واستجابة الله لدعاء سيدنا زَكَرِيَا ليس لأنه نبيّ؛ بل ولسائر البشر أجمعين.
* من أدعية القرآن لإنجاب الأبناء {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}.
* فيا من يتعلق أملك في الله، رجاء أن يرزقك ذرية صالحة ..
* لا تيأس، ولا تضجر، واعلم أن كل شيء متعلق بكلمة من الله هي: "كُن" .. "فيَكُون" ..
* لا تستعصي علي الله تعالى مسألة، ولا ينقص من خزائن عطائه شيء ..
* فاطلب من الله تعالى ما تظن أنه مُستَحيل ..
* وكُن على يقين تام في إجابته لك، فعلى قدر يقينك تأتيك الإجابة منه سبحانه.
لا تقل ..
أنا كبرت في السَِن، ولا أستطيع الإنجاب.
لا تقل ..
إن زوجتي بها مرض لا يسمح لها بالحمل، وإن الأطباء يقولون بأنه لا أمل تمامًا في الإنجاب.
* صحيح أننا مأمورون بالأخذ بالأسباب، لكن قبل ذلك مأمورون بأن نثق في رب الأسباب، وأنه قادر على كل شيء.
قال الله تعالى لسيدنا زَكَرِيَا: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ
خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً}
هنا تزاح الأسباب جانبًا ونتعلق برب
الأسباب ..
إذا كان الأمر مستحيلاً في قانون البشر، فإنه ممكن تمامًا، وسهل يسير في
قانون ربِ البشر.
خلقك من عدم، من لا شيء ..
أيعجزه أن يعطيك الولد من صلبك حاشا لله!.
وهو وحده القادر على ذلك، ولا أحد سواه.
مع قدرة الله على تحقيق ذلك بدون سبب؛ إلا أنه يذكر كيف أن الخَير الذي يفعله الإنسان هو أفضل ما ينفعه، إن في دنياه، أو في أخراه، فهو نافع له في كل الأحوال، وهذا يتمثل في قول الله تعالى عن سيدنا زَكَرِيَا وزوجته {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}
تفاءل..
- فلا يضيع خَير عند الله..
- أصلح ما بينك وبين الله، لا تمل
من فعل الخير، فهو أعظم ما تتقرب به إليه.
* وفعل الخَير يقوم على العَطاء بكل أشكاله وصوره، ماديًا كان، أو معنويًا..
* والله
أكرم من أن يرد يدًا تعطي، ويخيب ظن قلب واثق فيه.
* بيان معاني دعاء سيدنا زكريا {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}.
- {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً} دعا سيدنا زَكَرِيَا ربه دعاءً خفياً منيباً قائلاً: ربي لا تتركني وحيداً بلا ولد ولا وارث.
- {وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} أي أنت خير من يبقى بعد كل من يموت، فيه مدح له تعالى بالبقاء، وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء، وتوسّل إلي الله تعالى بما يناسب مطلوبه باسمه تعالى: {خَيْرُ الْوَارِثِينَ}، بل أتى على وزن "افعل" للتفضيل زيادة في المبالغة في الثناء على اللَّه تعالى، استعطافاً للإجابة.
- فاستجاب الله تعالى لدعائه، ورزقه نبياً صالحاً سمّاه اللَّه تعالى {يَحْيَى} عليه السلام، وجعل امرأته ولوداً، بعد أن كانت عاقراً، دلالة على كمال قدرته تعالى، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
- ثم بين الله تعالى سبب إجابته له، فقال عزّ من قائل: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} كانوا يبادرون في وجوه الخيرات على اختلاف أشكالها وأنواعها في أوقاتها الفاضلة، ويكمِّلونها على الوجه اللائق الكامل.
- {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} كانوا ملازمي الخضوع والتضرع في كل الأحوال والأوقات.
- {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} أي وكانوا أيضاً يفزعون إلينا بالدعوات، ويسألون الأمور المرغوب فيها، من مصالح الدنيا والآخرة، ويتعوّذون من الأمور المرهوب منها، من مضارّ الدنيا والآخرة، في حال الرخاء، وفي حال الشِّدّة.
- جاء اللفظ بصيغة المضارع: {يَدْعُونَنَا} لفائدتين:
- - كثرة سؤالهم، ومداومتهم في الدعاء بالرغبة والرهبة، كما أفاد الفعل المضارع {يُسَارِعُونَ}.
- - تصور صورتهم الجميلة في الذهن، فكأنّ المخاطب يراها في حينه، فينشأ عن ذلك التأسي في فعلهم والاقتداء بهم.
* فوائد من دعاء سيدنا زكريا {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}.
تضمّنت هذه الدعوة المباركة فوائد، وحِكَماً، منها:
- إن من أعظم التوسل إلى اللَّه تعالى بالدعاء هو اسم "الربّ"؛ لأنّ إجابة الداعي من مقتضى الربوبية؛ فلهذا يتوسل الأنبياء دائماً باسم "الرب"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يمدّ يديه إلى السماء: يا ربّ، يا ربّ" صحيح مسلم.
- إنه لاينبغي للإنسان أن يسأل مطلق الذرية؛ لأنّ الذريّة قد يكونون نكداً وفتنة، وإنّما يسأل الله تعالى الذريّة الطيّبة.
- إنّ حُسن الظنّ من حسن العبادة، وأنه تعالى يجازي عبده، ويعطيه على قدر حسن الظنّ به، دلّ عليه قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}، حيث أقبل على الدعاء مباشرة لحسن ظنّه بربه تعالى، كما جاء في الحديث القدسي عن ربّ العزّة والجلال: "أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني" صحيح البخاري.
- ينبغي للإنسان أن يفعل الأسباب التي تكون بها ذريته طيبة، ومنها الدعاء؛ دعاء اللَّه تعالى، وهو من أكبرالأسباب. [تفسير ابن عثيمين]
- بيان أن الدعاء يردّ القضاء، وذلك أن من الأسباب العادية، أن العقيم والعجوز لاتلد.
- في ذكر هذه القصة العجيبة، وما تضمنته من دعوة جليلة؛ حتى لا ييأس أحد من فضل اللَّه تعالى ورحمته، ولايقنط من فضله تعالى.
- أنَّ الشكوى إلى اللَّه تعالى لاتنافي الصبر، وإنما هي من كمال العبودية للَّه تعالى.
- أنّ فعل الخيرات والمسارعة إليها من أعظم أسباب الإجابة، دلّ عليه قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} بسبب {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي استجبنا لهم بسبب مسارعتهم إلى القربات والطاعات.
- أنّ دعاء اللَّه تبارك وتعالى في حالتي الرغبة والرهبة من أسباب إجابة الدعاء، دلّ عليه قوله تعالى: {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}.
- أنّ الخشوع من أسباب إجابة الدعاء، كما في قوله تعالى: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} بالجملة الاسمية التي تدلّ على الدوام والثبوت، والخشوع هو: التذلّل، والتضرّع، والخوف اللازم للقلب الذي لايفارقه. [تفسير ابن كثير].
- ورد في الأثر أن الحسن البصريّ جاءه رجل، فقال له: "إني عقيم لا ولد لي، فقال له الحسن: عليك بالاستغفار"، ومن هنا ندرك أن من ثمرات الاستغفار إكرام الله العبد بالذريّة الطيّبة المباركة.
* أدعية متنوعة للإنجاب بإذن الله تعالى الوهاب.
قال الله تعالى في كتابة العزيز: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
- اللهم إنك قلت وقولك الحق {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، اللهم إنّا فقراء لإجابتك وكرمك، اللهم هب لي ذريّة طيّبة تسعد بها نفسي، ويقوى بها بأسي، أسعد وأهنأ بها، إنك أنت السميع المجيب.
- يالله، يا حيّ يا قيّوم، ياذا الجلال والإكرام، يا الله هب لي ولدًا صالحًا تقرً عيني به في حياتي، ويدعو لي بعد مماتي، يا سابغ النعم، ياذا المنّة والكرم.
- اللهم يا منزِل المنّ والسلوى، يا سامع الدّعوى، يا شاهد النّجوى، ارزقني يا ربنا ذريّة طيّبة تقرّ عيني بها، تعبدك وتستغفرك وتكون سببًا لدخولي الجِنان يا مجيب الدعوة.
- اللهم يا قويّ يا شديد، يا فعّالا لما تُريد، أكرمني من لدنك بولد صالح تقرّ عيني به، اللهم لا تحرمني هذه النعمة، إنك على كل شيء قدير.
- اللهم فاطر السماوات والأرض، جامع الناس في يوم الحساب والعرض، اللهم أكرمني بذرية صالحة، تكون شفيعة لي يوم القيامة، يا أكرم الأكرمين.
- اللهم أخرج من أصلابنا وأرحامنا ذريّة طيّبة تعبدك، وتستغفرك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
تعليقات
إرسال تعليق