ادعو الله تعالى باسمه "الصَّمَدْ"
* مَن السَّيِّد الذي
لا تهدأ قلوب الخَلق حتى تضعَ حاجاتها عند بابه؟
* مَن الذي كَمُلَ
حتى صار مُعتَمَد كل أحد ومقصوده؟
إنه "الصَّمَدْ" جلَّ جلالُه.
* اسم الله "الصَّمَدْ"
 وقد ورد اسم الله "الصَّمَدْ" في
السنة النبوية، فعن مِحجَنَ بن الأدْرَع «أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ دخلَ
المسجدَ، إذا رجلٌ قد قَضى صلاتَهُ وَهوَ يتشَهَّدُ، فقالَ: اللَّهمَّ إنِّي
أسألُكَ يا اللَّهُ بأنَّكَ الواحدُ الأحدُ الصَّمدُ، الَّذي لم يَلِدْ ولم يولَدْ
ولم يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أن تغفِرَ لي ذُنوبي، إنَّكَ أنتَ الغَفورُ
الرَّحيمُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: قَد غَفرَ اللَّهُ
لَهُ، ثلاثًا» رواه النسائيّ.
* هل تعرف ما معنى اسم الله "الصَّمَدْ"؟
- هو الذي تقصُدُهُ الخلائق كلها في جميع حاجاتها، ويفزع إليه العالم بأسره.
- وهو الذي قد انتهی سؤدَدُه، وهو "الصَّمَدْ" الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، الباقي بعد خلقه سُبحَانَه.
* ماذا يعني إيمانُكَ باسم الله "الصَّمَدْ"؟
- أولًا: إثبات مايتضمنة اسم الله "الصَّمَدْ" من الصفات.
- فالله هو "الصَّمَدْ" في ذاته، فتعالت ذاته عن النقائص فلم تحتج إلى جوف، ولا أحشاء، ولا طعام، ولا شراب، ولا داخل، ولا خارج، كما هو الحال في المخاليق، قال تعالى:{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}[الأنعام:14].
- وهو "الصَّمَدْ" في أسمائه فكلها حُسنى.
- وهو "الصَّمَدْ" في صفاته، فلم تبق صفة كمال إلا اتصَفَ بها.
- وهو "الصَّمَدْ" في غناه، فلم يحتج للوالد ولا للولد فضلا عن الصاحبة.
- وهو "الصَّمَدْ" في أفعاله فكلها حكمة، ورحمة.
- وهو "الصَّمَدْ" الذي تلجأ إليه قلوب عباده، إن ضيقت الحياة عليها الخناق، فستجد نفسها بلا شعور تصمد للصَّمَدْ.
- بل هو "الصَّمَدْ" الذي صَمَدَ إليه العالم بأسره، أهل سمائه وأرضه، صغيره وكبيره، غنيه وفقيره، مُسلِمِه وكافره، فلا يستغني عنه أحد طرفة عين.
- ثانيًا: إذا آمنت باسم الله "الصَّمَدْ" دفعك ذلك إلى الزُّهد في الدنيا.
- حين تعلم بأن ربك هو "الصَّمَدْ" الباقي، الذي يفنى كل خلقه، الأرض ومن عليها، السماء وما فيها ومن فيها، فلن تبقى صورة الدنيا في ذهنك كما هي؛ وماذا تساوي إن كان مآلُها إلى هلاك؟ ستذوي كل مُتعة فيها، وتضمحل كل سلطة، فأي شيء فيها يدعو لانغماسك بها؟
- "الصَّمَدْ" الباقي يريد أن يعلق قلبك بالأخرة الباقية، ويذهب من نفسك كل التفاتة لثواب دنيوي، وقد قال سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ .. الآية}[الإسراء:18]، ليبقى نظرك وقلبك وجوارحك كلها متلهفة لما عند الله، فثوابه هو الثواب الحقيقي الذي يستحق منك عرق جبينك في هذه الحياة.
- ثالثًا: إيمانك يدفعك إلى قصد الله "الصَّمَدْ" في جميع حاجاتك.
- يُحيطك بالهموم؛ لِتَصْمُدَ بقلبك إليه.
- يُقِدر للمرض أن يمسَّ جسدك؛ ليسمع صوتك وأنت تردد يا الله!
- يُؤخر عنك حاجاتك ليقودك إليه، ليذيقك لذَّة الصُّمُودِ إليه، والوقوف ببابه.
- الحياة كلها تصرخ في وجهك: لديك رَبّ، اصْمُدْ إليه!
وإنك حين تلجأ
لأحد من خلقه نهارًا فقد يُغلِقُ بابَهُ دونكَ في المساء، وحين تخاطبه فقد يسمعك
مرة ولا يسمعك مرات، وحين يسمعك فقد يعطيك، وقد يردك خائبا صفر اليدين، ولو أعطاك
فلن تسلم من قدر من الإهانة، أو الانكسار، أما الله فلا! بابة مفتوح، يسمع كل آهةٍ
منك، بل ويغضب إن لم تلجأ إليه، يغدق عليك، ولا يزيدك سؤاله إلا عزًا وغنى.
- اسمع ما قاله نبيك صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَن أصابَتهُ فاقةٌ فأنزلَها بالنَّاسِ لم تُسَدَّ فاقتُهُ، ومن أنزلَها باللَّهِ أوشَكَ اللَّهُ لَه بالغِنى إمَّا بموتٍ عاجِلٍ أو غنًى عاجِلٍ» رواه أبو داود.
 
تعليقات
إرسال تعليق