القائمة الرئيسية

الصفحات

صلاة التراويح .. سؤال وجواب

 

 صلاة التراويح .. سؤال وجواب

 

 للدكتور راشد سعد العليمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد ..

 

أهلًا بكم متابعي مدونة -طريقك للجنة-، نتابع حديثنا عن الصِّيام؛ بعد أن تحدثنا في اللقاء السابق عن "الصيام والسفر" في سؤال وجواب، نتحدث اليوم عن موضوع جديد وهو "صلاة التراويح".

  

* صلاة التراويح.

* ما المقصود بصلاة التراويح؟ وما سبب التسمية بالتراويح؟

  • يقصد بالتراويح: القيام، أي قيام رمضان بالصلاة.
  • سميت تراويح لأن الناس سابقًا كانوا يطيلونها، وكلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلًا ثم استأنفوا الصلاة.

* ما حكم هذه الصلاة؟

  • هي سنّة؛ أي مستحبّة سنها رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

* ما أجر صلاة التراويح "القيام" في رمضان؟ وهل الحكم في الحديث السابق يشمل جميع الذنوب؟

  • قال النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِه". رواه البخاري.
  • حرف "مَا" من صيغ العموم، وكلمة "ذَنبِه" مفرد مضاف فيعم؛ لكن قال العلماء أن الكبائر لا بد لها من التوبة.

* هل يشترط لتحقق الأجر في الحديث السابق أن تكون الصلاة جماعة؟

  • من قام رمضان مع الإمام، أو منفردًا صحّ عنه أنه قام رمضان بالصلاة.

* هل هناك فرق بين قيام الليل والتراويح والتهجد؟ ومتى تبتدىء صلاة التراويح؟

  • لا فرق بينهما إلا في الاسم.
  • تبتدئ من بعد صلاة العشاء إلى قريب أذان الفجر.

* هل صَلَى النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التراويح بالناس؟

  • نعم، صَلَّى النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأصحابه ثلاث ليال ثم تأخر وقال: "إنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفرَضَ عَلَيكُم" رواه البخاري، وينبغي للإنسان أن لا يفرّط فيها؛ لينال أجر من قام رمضان، وهو مغفرة ما تقدم من الذنب.

* في عهد من تجمّع المسلمون لصلاة التراويح؟ وهل ينبغي الالتزام بصلاة التراويح كاملة مع الإمام؟

  • في عهد عُمَر رضي الله عنه، وكان إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه.
  • نعم ينبغي الالتزام بصلاة التراويح كاملة مع الإمام، لأن النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "مَن قَامَ مَعَ الإمَام حَتَى يَنصَرِف كُتِبَ لَهُ قِيَام لَيلَة" رواه الترمذي.

*  كيف كانت صلاة النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في القيام؟

  • قالت عائشة رضي الله عنها: "كَانَ النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يُصَلِّي أَربَعًا، فَلَا تَسأَلَّن عَن حُسنُهُنّ وَطُولُهُنّ ثُمّ يُصَلِّي أرَبَعًا، فَلَا تَسألَ عَن حُسنُهُنّ وَطُولُهُنّ، ثُمّ يُصَلِّي ثَلَاثًا" رواه البخاري.

* ما حكم خروج النساء إلى المسجد لصلاة التراويح؟ وما التوجيهات التي تقدم للنساء عند التوجه للمساجد؟

  • لا بأس في هذا، فعن أبي هريرة أن رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفلَاتُ" رواه أبو داود، تَفلَاتُ: أي غير مُتَطَيِّبَات.
  •  من التوجيهات أنه على المرأة التقيد باللباس الشرعي الساتر، مع عدم التَّعَطُر إن كانت المرأة في مصلى واحد مع الرجال.

* ما حكم السرعة في أداء التراويح من قبل بعض الأئمة؟

  • هذا من الخطأ، فالإسراع في أداء الصلاة بحيث لا يتمكن الناس من الطمأنينة، ويلحق بمن وراءه من كبار السن والضعفاء والمرضى ونحوهم المشقة، أمر غير مرغوب، وهذا بعيد عن تحقيق الطمأنينة والتدبر.

* هل المشروع في صلاة التراويح الإطالة أو التخفيف؟

  • الأصل فيها الإطالة، فالنَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قام بأصحابه حتى ذهب ثلث الليل، وفي ليلة ثانية حتى ذهب شطر الليل، وفي ليلة ثالثة حتى تخوفوا الفلاح – أي السحور – أخرجه أحمد وأهل السنن.

* النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أمر معاذًا أن يخفف في صلاته، فكيف نطيل على الناس في التراويح؟

  • نهي النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لِمعاذ رضي الله عنه عن التطويل، لم يكن في صلاة النفل الذي يجوز للناس التخلف عنه والخروج منه، إنما كان في الفرض الذي لا يجوز لهم التخلف عنه، ولا الخروج منه إلا بعذر شرعي، والذي هم ملزومون به قصدًا وإتمامًا.

* هل بمقدور الإنسان الإطالة لوحده في قيام الليل؟

  • نعم، فالنَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أطال في صلاة الليل كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه حين صلى مع النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فأطال الصلاة حتى هم أن يقعد ويترك النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. رواه البخاري.
  • وكما في حديث حذيفة رضي الله عنه "حين صلى مع النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ذات ليلة فقرأ النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم البقرة، والنساء، وآل عمران، إذا مَرّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مَرّ بسؤال سأل، وإذا مَرّ بتعوذ تعوذ". رواه مسلم.

* هل الزيادة على ما فعله النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في قيام الليل يُعَّدُ من المخالفة؟

  • لا، لأن النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أوضح لنا بأن صلاة الليل مثنى مثنى، وأدّى صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قيام الليل بتسع ركعات، وأيضًا بإحدى عشر، فالأمر فيه سعة.

* أيهما أفضل الصلاة بإحدى وعشرين ركعة أو الاقتصار على إحدى عشر ركعة؟

  • القليل الموافق للسنة أحسن من الكثير، سواء كان ذلك في الكمّ، أو في الكيف، ومن المعلوم أن الإحدى عشرة ركعة في التراويح موافقة للسنة، وعلى ذلك تكون أحسن، لاسيما أن كثيرًا من الذين يصلون التراويح ثلاثًا وعشرين ركعة يأتون بها بسرعة تكاد تكون مخلة بالطمأنينة التي لا تصح الصلاة بدونها، أما إذا اجتمعت الكثرة والموافقة للسنة؛ فالكثير أولى.

* إذا صلى الإنسان خلف إمام يزيد على إحدى عشرة ركعة، فهل يوافق الإمام، أم ينصرف بعد إحدى عشرة؟

  • السُّنَّة أن يوافق الإمام؛ لأنه إذا انصرف قبل تمام الإمام لم يحصل له أجر قيام الليل، والرَّسُولُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "مَن قَامَ مَعَ الإمَام حَتَى يَنصَرِف كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَة" رواه الترمذي.

* هل كان الصحابة رضي الله عنهم يوافقون الإمام إذا زاد في التراويح؟

  • نعم، فالصحابة وافقوا إمامهم في أمــر زائد عن المشروع في صلاة السفر، وذلك مع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه حين أتم الصلاة في مِنَى في الحج، أي صلاها أربع ركعات، مع أن النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وأبابكر، وعمر، وعثمان كانوا يصلون ركعتين، وأنكر الصحابة رضي الله عليهم ذلك، ومع هذا كانوا يتبعونه ويصلون معه أربعًا.

* بعض المصلين في بعض المساجد لا يتابعون الإمام حتى نهاية التراويح؛ بحجة زيادته على إحدى عشر ركعة؛ فما حكم صنيعهم؟

  • الصحابة رضي الله عنهم حرصوا على متابعة الإمام، وفعل النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في صلاة القيام يستفاد منه الإستحباب، وفهم فقه الصحابة رضي الله عنهم وكيفية تعاملهم مع هذه المسائل دال على مشروعية الزيادة والصلاة مع الإمام.

* بعض المصلين يكون فظًا في نقاشه مع إمام يزيد في ركعات التراويح؛ ما توجيه القوله له؟

  • لا ينبغي صدور مثل هذا السلوك في أمور تحتمل الأداء ولا تخالف واجبًا، بل ينبغي التأدب بالقول والحوار مع إمام المسجد.

* هل يُشرع أن نصلي العشاء مع إمام يصلي التراويح؟

  • نعم، ونص على جواز ذلك أهل العلم، وأصل المسألة ما كان من أهل مكة عام الفتح حيث كانوا يُصَلُّون خلف النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فيتمون الصلاة بعد سلام النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

* ما أقل عدد يمكن أن يصلي فيه المسلم قيام الليل؟

  • ركعة واحدة؛ مثلما صنع أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه، "قيل لابن عباس رضي الله عنه: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فَإِنَّهُ ما أَوْتَرَ إِلا بواحدة! قال: أصاب، إنه فقية". رواه البخاري.

* ما حكم صلاة الوتر؟ و كيف يمكن أداء صلاة الوتر بثلاث ركعات؟

  • الوتر سنّة مؤكدة، واظب عليها النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
  • يمكن أداء صلاة الوتر بثلاث ركعات كالتالي:
  • - الصفة الأولى: أن يسلّم المصلى بركعتين، ثم يأتي بالثالثة.
  • - الصفة الثانية: أن يسرد الثلاث ركعات جميعًا بتشهدٍ واحد وسلام.

* ما حكم من شفع في صلاة الوتر خلف الإمام؟

  • لا بأس في هذا، فمثل هذا قد يرغب أن يصلى مع الإمام ويحب متابعته إلى الختام، ثم يرغب أن يوتر آخر الليل لذا إذا سلم الإمام فلا يسلم معه، ويقوم ليصلى ركعة أخرى يشفع بها صلاته مع الإمام [المُغني لابن قدامة].

* من أوتر مع إمامه، ثم رغب في أن يصلي بعد ذلك في بيته قيام الليل قبل الفجر، فهل يشرع له الصلاة؟ ومتى يكون دعاء القنوت في الوتر ؟

  • نعم له ذلك، لكن عليه ألا يوتر مرة ثانية.
  • يجوز دعاء القنوت في الوتر قبل الركوع، ولا بأس به لو وقع بعد الركوع.

* ماذا علّم النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الصحابة قوله في دعاء الوتر؟

  • ذلك ما علمه النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم للحسن، قَالَ الْحَسَنُ: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كلماتِ أَقُولُهُنَّ في الوِترِ في الْقُنُوتِ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرٍ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ". رواه النسائي

* هل لا بد من التقيّد بالدعاء السابق؟ وهل تشرع الإطالة في دعاء القنوت؟

  • لا يشترط هذا، وبمقدور المصلي أن يدعو بما يفتح الله عليه.
  • لم يكن من هدي النَّبِيّ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الإطالة في دعاء القنوت.

* ما حكم التغني بالدعاء في الوتر وغيره؟

  • لم يبلغ بأثر صحيح أو ضعيف أن السلف كانوا يتغنون بالدعاء، بل لا يتصور أن يتغنى المسلم بالدعاء لو كان لوحده يناجي ربه.

* ما القول في بكاء بعض المصلين من الدعاء دون الصلاة؟

  • قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أقْفَالَهَا}[محمد:24]، فمن لم يتأثر بالقرآن فليراجع نفسه، كيف يتأثر بالدعاء ويبكي عند سماعه، ولا يهزه كلام الرحمن؟

* بعض النساء في صلاة التراويح تغطي وجهها، رغم وجود الساتر من الرجال، فما الحكم؟

  • ينبغي كشف وجهها لتباشر جبهتها الأرض في السجود.

* بعض الناس يتنقل بين المساجد ليصلي في كل مسجد بعض الركعات، فهل هناك من حرج في هذا؟

  • هذا لا ينبغي، إذ فيه تضييع لوقت كريم؛ الأولى عليه أن يستثمره بالطاعة، ولا يفوته الأجر الذي قال فيه الرَّسُولُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: "مَن قَامَ مَعَ الإمَام حَتَى يَنصَرِف كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَة" رواه الترمذي.

* بعض المأمومين يحضر مصحفًا في رمضان لمتابعة الإمام في صلاة الليل، فما حكم ذلك؟

  • لا ينبغي ذلك، لما فيه من انشغال الذهن والعمل الذي لا داعي له، وفوات السنة بوضع اليد اليمنى على اليسرى؛ فتركه أفضل.

 

تقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

 

 

 

 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تقرأ في هذا الموضوع